الكرم والجود والسخاء والبذل، هي من أسمى الصفات التي تزين النفس البشرية. ففي القرآن الكريم، نجد آيات كثيرة تحث على العطاء والإحسان، وفي الأحاديث النبوية شواهد عديدة على فضائل هذه الأخلاق الكريمة. ولكن ما الذي يميز كل صفة من هذه الصفات عن الأخرى؟ وهل هناك فرق بين الكرم والجود مثلاً؟ وهل البذل هو نفسه السخاء؟ ما هي أنواع الكرم عند العرب؟ أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا، وسنجيب عليها في هذه المقالة، مسترشدين بالمعاجم العربية والكتب التراثية.
تعريف الكرم لغة واصطلاحًا
معنى الكرم لغة:
الكرم: هو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال: رجل كَرَمٌ ورجلان كرَم ورجال كرَم وامرأَة كرَم ، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤَنث. والكَرَم: ضدّ اللؤم، كَرُمَ الرجلُ يكرم كَرَماً فَهُوَ كريم. وَرجل كرّام: فِي معنى كريم. والمَكارمَ واحدتها مَكْرُمَة، وَهُوَ مَا استفاده الْإِنْسَان من خُلق كريم أَو طبع عَلَيْهِ. وَجمع كريم كِرام وكُرَماء.
معنى الكرم اصطلاحًا:
صِفةُ تحمِلُ صاحِبها على بذلِ الخيْرِ قليلاً كان أو كثيراً بِطيبِ نفسٍ دون مُقابِلٍ.
قال الجرجاني: الكرم: هو الإعطاء بسهولة.
وقال المناوي: الكرم: هو إفادة ما ينبغي لا لغرض، فمن وهب المال لجلب نفع أو دفع ضر أو خلاص من ذم غير كريم.
وقال القاضي عياض: وَأَمَّا الْجُودُ والكرم والسخاء والسماحة، ومعانيها مُتَقَارِبَةٌ، وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهَا بِفُرُوقٍ، فَجَعَلُوا الكرم: الإنفاق بطيب نفس فِيمَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ وَنَفْعُهُ، وَسَمَّوْهُ أَيْضًا جُرْأَةً، وَهُوَ ضِدُّ النَّذَالَةِ.
اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل في الكرم والجود: أبيات شعر قصيرة عن الكريم والكرم.
تعريف الجود لغة واصطلاحًا
معنى الجود لغة:
الجُودُ: شيء جيد، والجمع جِيَادٌ وجَيَائِدُ بالهمزة على غير قياس، والجَوْد: المطر الغزير الذي لا مَطَرَ فوقه، وجاد الرجل بماله يجُود جُوداً، فهو جَوَادٌ، وقوم جُودٌ.
وقيل: الجَوَاد: هو الذي يُعطي بلا مَسأَلة صيانة للآخذ من ذُلِ السؤالِ. وقال: وَمَا الجُودُ منْ يُعْطِي إِذا مَا سأَلْتَه ** ولكنَّ مَن يُعطِي بغَيْر سُؤال.
وقال الكرماني: الجُود: إِعطاءُ ما ينبغي لمن ينبغي. وعبارة غيره: الجُودُ صفة هي مبدأُ إِفادة ما ينبغي لمن ينبغي لا لعوضٍ. فهو أخص من الإِحسان.
معنى الجود اصطلاحا:
صفة تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي من الخير لِغَيْر عِوَض.
وقال الجرجاني: الجود: صفة، هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض، فلو وهب واحد كتابه من غير أهله، أو من أهله، لغرض دنيوي أو أخروي، لا يكون جودًا.
وقال الكرماني: الجُود: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي.
اقرأ أيضًا: أجمل قصائد عن الكرم العربي.
تعريف السخاء لغة واصطلاحًا
معنى السخاء لغة:
سَخَاءٌ: أظْهَرَ سَخَاءً كبيراً: كرماً، جُوداً. يُعطي بِسَخاءٍ.
سخا: السَّخاوة والسَّخاءُ: الجُودُ. والسَّخِيُّ: الجَوَادُ، والجمع أسْخِياء وسُخَواءُ؛ الأَخيرة عن اللحياني وابن الأَعرابي، وامرأَة سَخيَّة من نِسْوة سَخِيّاتٍ وسَخايا، وقد سَخا يَسْخى ويَسْخُو سخاءً. وسَخِيَ يَسْخى سَخاً وسُخُوَّةً
وسَخُوَ الرجلُ يَسْخُو سَخاءً وسُخُوّاً وسَخاوَةً أَي صار سَخِيّاً، وأَما اللحياني فقال: سَخا يَسْخُو سَخاءً، ممدود، وسُخُوّاً، وسَخِيَ سَخاءً، ممدو أَيضاً، وسُخُوَّةً.
وسَخَّى نفْسَه عنه وبنَفْسِه: تركه.
وسَخَّيْتُ نفسي عنه: تَركته ولم تنازعني نفسي إليه.
وفلان يتَسَخَّى على أَصحابه: أَي يتكَلَّف السَّخاء، وإنه لسَخِيُّ النَّفْس عنه.
معنى السخاء اصطلاحًا:
قال المناوي: السَّخاءُ: الجُودُ، أو إعطاءُ ما ينبغي لمن ينبغي، أو بذل النَّائِلِ قبل إلحافِ السائل.
وقال الراغب: السَّخاءُ: هيئة للإنسان داعية إلى بذل المقتنيات، حصل معه البذل أو لم يحصل، وذلك خُلق.
وقال القاضي عياض: السَّخاءُ: سُهولة الإنفاق، وتجنب اكتساب ما لا يحمد.
تعريف البذل لغة واصطلاحًا
معنى البذل لغة:
البَذْلُ: هو العطاء، وهو ضد المنع، وكل من طابت نفسه بإِعطاء شيء فهو باذل له. بَذَله يَبْذِله ويَبْذُله بَذْلاً: أَعطاه وجاد به. بذل المال: أعطاه وجاد به عن طيب نفس. ورجل بَذَّال وبَذُول إِذا كان كثير البذل للمال.
يُقال: بذل الشيء: أعطاه وجاد به. وبذل له شيئًا، أي: أعطاه إيَّاه. يُقال: سألته فأَعطاني بذل يمينه: ما قدر عليه.
معنى البذل اصطلاحًا:
قال المناوي: البَذْلُ: الإعطاء عن طيب نفس.
أنواع الكرم عن العرب
الكرم، والجود، والسخاء، هذه الصفات المحمودة تُصنَّف إلى أنواع متعددة بناءً على اعتبارات مختلفة، وسنفصل ذلك على النحو التالي:
قال ابن القيم- رحمه الله تعالى: إذا كان السّخاء محمودًا، فمن وقف على حدِّه سُمِّي كريمًا، وكان للحمد مستوجبًا، ومن قصّر عنه كان بخيلًا، وكان للذّمّ مستوجبًا.
والسّخاء نوعان: فأشرفهما سخاؤك عمّا بيد غيرك، والثّاني سخاؤك ببذل ما في يدك، فقد يكون الرّجل من أسخى النّاس، وهو لا يعطيهم شيئًا لأنّه سخا عمّا في أيديهم، وهذا معنى قول بعضهم: ”السّخاء أن تكون بمالك متبرّعا، وعن مال غيرك متورّعا“.
وقيل: الكرم قسمان: مادي وخُلقي؛ فالمادي هو إطعام الطعام، وكسوة الأيتام، وصلة الأرحام، والخُلقي هو العفوُ عن الجاني وإن تكررت الإساءة، وستر عورة الإخوان.
وقيل: الكرم أنواع: فإن كان بمال فهو جُودٌ. وإن كان بكف ضرر مع القدرة فهو عفوٌ. وإن كان ببذل النفس فهو شجاعة.
المراجع
- كتاب: إصلاح المنطق، لابن السكيت، صفحة (51).
- كتاب: جمهرة اللغة، لابن دريد، الجزء الثاني صفحة (798).
- تعريف ومعنى الكرم في معجم المعاني الجامع.
- كتاب: التوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي، صفحة (192-281).
- كتاب: التعريفات، الشريف الجرجاني، صفحة (79-184).
- كتاب: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض، صفحة (230).
- كتاب: تاج العروس من جواهر القاموس، لمرتضى الزبيدي، صفحة (527).
- تعريف ومعنى الجود في معجم المعاني الجامع.
- كتاب: موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة (171).
- تعريف ومعنى سخاء في معجم المعاني الجامع.
- تعريف ومعنى البذل في معجم المعاني الجامع.