ما هو البلاء
البلاء وردت كلمة الابتلاء ومشتقاتها في القرآن سبعاً وثلاثين مرة. ويعرف الابتلاء اصطلاحًا: الامتحان والاختبار، ويكون البلاء في الخير والشر، كما قال الله تعالى: في الآية 35 من سورة الأنبياء {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}، قال أبو الهيثم: (البلاء يكون حسنًا ويكون سيئا، وأصله المحنة)، والله عز وجل يبلو عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره، ويبلوه بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره.
اقرأ أيضًا: أدعية لدفع البلاء عن المبتلى.
الحكمة من الابتلاءات
يبتلي الله عباده المؤمنين اختباراً لهم ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليُعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}. وقال سبحانه وتعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.
1- تكفير الذنوب ومحو السيئات:
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه).. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).
2- رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة:
وقد يكون الابتلاء لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، كما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) رواه البخاري. قال العلماء: يبتلى الأنبياء لتضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً.
وقال ابن القيم في ذكره للحكم والغايات المحمودة من ابتلاء يوم أُحد: إنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لم تبلغها أعمالهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه.. كما قال تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}.
3- تمييز المؤمنين عن المنافقين:
وقد يكون البلاء لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت:2-3].
فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليُعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله جل وعلا قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ”عينيه“ فصبر عوضته منهما الجنة).
طرق دفع البلاء عن المبتلى
من الأمور التي تهون المصائب وتدفع البلاء:
- الصلاة: حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر يفزع إلى الصلاة. ومعنى حزبه: نزل به أمر مهم.
- الصدقة: لا شك أن للصدقة فضلاً عظيماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن صدقة السر تطفئ غضب الرب، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وإن صلة الرحم تزيد في العمر وتقي الفقر، وأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة وإن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء ـ أدناها الهم). وروى البيهقي عن أنس مرفوعاً وموقوفاً: (باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة).
- تلاوة القرآن: قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: 82]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة) رواه مسلم.
- الدعاء: على المبتلى أن يلجأ إلى الله في كربته، وأن يتضرع بين يديه لكشف بلواه، فالدعاء هو السلاح الذي يدفع به الضر والبلاء، ويواجه به ما لا قبل له به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء). وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة).