من هو عمر الخيام؟
هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام النيسابوري، وهو شخصية تاريخية فريدة جمعت بين العلم والشعر والفلسفة. حيث كان عالم فلك ورياضيات وفيلسوف وشاعر فارسي مسلم، ولد في مدينة نيسابور الإيرانية في القرن الحادي عشر الميلادي، وتوفي فيها. تخصص في الفلك والرياضيات والفقه واللغة والتاريخ. اشتهر بإسهاماته الكبيرة في مجالات الرياضيات والفلك، كما ترك لنا إرثًا شعريًا فريدًا يتمثل في رباعياته التي تناولت مواضيع فلسفية وجودية.
وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط وهو صاحب الرباعيات المشهورة.
ما هي الرباعيات؟
الرباعيات هي نوع من الشعر الفارسي يتميز بتركيبته الفريدة، حيث تتألف القصيدة من أربعة أبيات تدور حول موضوع معين، وتكوّن فكرة متكاملة. وغالبًا ما تتبع الرباعيات في الصياغة قافية محددة بحيث يتناغم الشطر الأول والثاني والرابع معًا في القافية، بينما يكون الشطر الثالث مختلفًا، أو تتفق جميع الشطور الأربعة في القافية. يُنسب هذا الأسلوب الشعري بشكل كبير إلى الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، الذي اشتهرت رباعياته عالميًا. تتميز رباعيات الخيام بعمقها الفلسفي، وبساطتها اللغوية، وتنوع مواضيعها التي تتراوح بين الحب والخمر والحياة والموت والوجود والكون.
أبرز المواضيع التي تتناولها رباعيات الخيام
- الحياة والموت: يعتبر الخيام الموت حقيقة لا مفر منها، ويدعو إلى الاستمتاع بالحياة اللحظية والاستفادة منها قبل فوات الأوان.
- الوقت: يرى الخيام أن الوقت يسير بسرعة، وأن الحياة قصيرة، لذا يجب على الإنسان أن يستغل وقته بحكمة.
- الحب والغزل: يتغنى الخيام بالحب والعشق، ويصف معاناة العشاق وشوقهم إلى محبوبهم.
- الخمر والنشوة: يستخدم الخيام الخمر كرمز للحرية والانعتاق من قيود الحياة، ويدعو إلى الاستمتاع بالحياة واللحظة الحاضرة.
- الفلسفة والوجود: يتأمل الخيام في معنى الحياة والكون، ويبحث عن الحقيقة المطلقة.
- الطبيعة: يصف الخيام جمال الطبيعة وروعتها، ويرى فيها مصدرًا للإلهام والسعادة.
- القدر: يطرح الخيام تساؤلات حول القدر والإرادة الحرة، ويتساءل عن دور الإنسان في تشكيل مصيره.
رباعيات الخيام تمثل مزيجًا من التأملات الفلسفية العميقة والتساؤلات الوجودية، وتبقى حتى اليوم من أكثر الأعمال الأدبية تأثيرًا في الأدب العالمي.
رباعيات عمر الخيام: أفضل ما كتب عمر الخيام
يا عالم الأسرار علم اليقين
يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار فئنا إلى
ظلّك فاقبل توبة التائبين
يا عالماً بجميع أسرار الورى
ونصيرهم في العجز والكربات
كن قابلاً عذري إليك وتوبتي
يا قابل الأعذار والتوبات
صاحب من الناس كبار العقول
واترك الجهال أهل الفضول
واشرب نقيع السم من عاقل
واسكب على الأرض دواء الجهول
نلبس بين الناس ثوب الرياء
ونحن في قبضة كف القضاء
وكم سعينا نرتجي مهرباً
فكان مسعانا جميعاً هباء
أفق وهات الكأس أنعم بها
واكشف خفايا النفس من حجبها
ورو أوصالي بها قبلما
يُصاغ دن الخمر من تربها
لا تشغل البال بأمر القدر
واسمع حديثي يا قصير النظر
تنح واجلس قانعا وادعا
وانظر إلي لعب القضاء بالبشر
قلبي في صدري أسير سجين
تخجله عشرة ماءٍ وطين
وكم جرى عزمي بتحطيمه
فكان ينهاني نداء اليقين
إن لم أكن أخلصت في طاعتك
فإني اطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشت لا أشرك في وحدتك
يا نفس ما هذا الأسى والكدر
قد وقع الإثم وضاع الحذر
هل ذاق حلو العفو إلا الذي
أذنب والله عفا واغتفر
أحس في نفسي دبيب الفناء
ولم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتا إن حان حيني ولم
يتح لفكري حل لغز القضاء
الله يدري كل ما تُضمر
يعلم ما تُخفي وما تُظهر
وإن خدعتَ الناس لم تستطع
خداع مَن يطوي ومَن يَنشر
عامل كأهليك الغريب الوفي
واقطع من الأهل الذي لا يفي
وعف زلالاً ليس فيه الشفاء
واشرب زعاف السم لو تشتفي
تروح أيامي ولا تغتدي
كما تهب الريح في الفدفد
وما طويت النفس هماً على
يومين أمس المنقضى والغد
زخارف الدنيا أساس الألم
وطالب الدنيا نديم الندم
فكن خلي البال من أمرها
فكل ما فيها شقاء وهم
يا تارك الخمر لماذا تلوم
دعني إلى ربي الغفور الرحيم
ولا تُفاخرني بهجرِ الطلى
فأنت جان في سواها أثيم
أتسمع الديك أطال الصياح
وقد بدا في الأُفق نور الصباح
ما صاح إلا نادباً ليلة
ولت من العمر السريعِ الرواح
تحمل الداء كبير الرجاء
انك يوما ستنال الشفاء
واشكر على الفقر الذي ان يرد
أصبحت موفور الغنى والثراء
سبقت السائرين إلى المعالي
بثاقب فكرة وعلو همه
فلاح لناظري نور الهدى في
ليالٍ للضلالة مدلهمه
يريد الحاسدون ليطفئوه في
ويأبى الله إلا أن يُتمّه
أنا الذي أبدعت من قدرتك
فعشت أرعى في حمى نعمتك
دعني إلى الآثام حتى أرى
كيفَ يذوب الإثم في رحمتك
وليس هذا العيش خلدًا مقيم
فما اهتمامي محدث أم قديم
سنترك الدنيا فما بالنا
نضيع منها لحظات النعيم
نمضي وتبقى العيشة الراضية
وتنمحي آثارنا الماضية
فقبل أن نحيا ومن بعدنا
وهذه الدنيا على ما هيه
لو أنني خيرت أو كان لي
مفتاح باب القدر المقفل
لاخترت عن دنيا الأسى أنني
لم أهبط الدنيا ولم أرحل
أين النديم السمح أين الصبوح
فقد أمض الهم قلبي الجريح
ثلاثة هن أحب المنى
كأس وأنغام ووجه صبيح
لن يرجع المقدار فيما حكم
وحملك الهم يزيد الألم
ولو حزنت العمر لن ينمحي
ما خطه في اللوح مر القلم
ويا فؤادي تلك دنيا الخيال
فلا تنؤ تحت الهموم الثقال
وسلم الأمر فمحو الذي
خطت يد الأقدار أمر محال
هل في مجال السكون شيء بديع
أحلى من الكأس وزهر الربيع
عجبت للخمار هل يشتري
بماله أحسن مما يبيع؟!
الخمر توليك نعيم الخلود
ولذة الدنيا وأُنس الوجود
تحرق مثل النار لكنها
تجعل نار الحزن ماءً برود
دع عنك حرص الوجود واهنأ
إن أحسن الدهر أو أساء
واعبث بشعر الحبيب واشرب
فالعمر يمضي غدا هباء
لا تحسبوا أني أخاف الزمان
أو أرهب الموت إذا الموت حان
الموت حق لست أخشى الردى
وإنما أخشى فوات الأوان
سمعت في حلمي صوتاً أهابَ
ما فتق النوم كمام الشباب
أفق فإن النوم صنو الردى
واشرب فمثواك فراش التراب
يا قلب كم تشقى بهذا الوجود
وكل يوم لك هم جديد
وأنت يا روحي ماذا جنت
نفسي وأُخراك رحيل بعيد
خلقتني يا رب ماء وطين
وصغتني ما شئت عزا وهون
فما احتيالي والذي جرى
كتبته يا رب فوق الجبين
أطال أهل الأنفس الباصرة
تفكيرهم في ذاتك القادرة
ولم تزل يا رب أفهامهم
حيرى كهذه الأنجم الحائرة
هات الطلا فالنفس عمّا قليل
توشك من فرط الأسى أن تسيل
عساي أنسى الهم في نشوتي
من بعد رشفي كاسها السلسبيل
لو ارتكبت خطايا الناس كلهم
لكنت أرجو لذنبي منك غفرانا
قد قلت إنك يوم العجز تنصرني
لا عجز أعظم لي من عجزي الآنا
لبست ثوب العيش لم أستشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم
أدرك لماذا جئت أين المقر
تناثرت أيام هذا العمر
تناثر الأوراق حول الشجر
فانعم من الدنيا بلذاتها
من قبل أن تسقيك كف القدر
الله قد قدر رزق العباد
فلا تؤمل نيل كل المراد
ولا تذق نفسك مر الأسى
فإنما أعمارنا للنفاد
بيني وبين النفس حرب سجال
وأنت يا رب شديد المحال
انتظر العفو ولكنني
خجلان من علمك سوء الفعال
أطفئ لظَى القلب ببرد الشراب
فإنما الأيام مثل السحاب
وعيشنا طيف خيال فنل
حظك منه قبل فوت الشباب
الدرع لا تمنع سهم الأجل
والمال لا يدفعه أن نزل
وكل ما في عيشنا زائل
لا شيء يبقى غير طيب العمل
لم تفتح الأنفس باب الغيوب
حتى ترى كيف تسأم القلوب
ما أتعس القلب الذي لم يكد
يلتأم حتى أنكأته الخطوب
وإنما الدنيا خيال يزول
وأمرنا فيها حديث يطول
مشرقها بحر بعيد المدى
وفي مداه سيكون اﻷفول
طبائع النفس ركبتها
فكيف تجزي أنفساً صغتها
وكيف تفني كاملا أو تري
نقصاً بنفس أنت صورتها
حار الورى ما بين كفر ودين
وأمعنوا في الشك أو في اليقين
وسوف يدعوهم منادي الردى
يقول ليس الحق ما تسلكون
لا توحش النفس بخوف الظنون
واغنم من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوي في الثرى راحل
غداً وماض من ألوف السنين
أفق خفيف الظل هذا السحر
وهاتها صرفا وناغ الوتر
فما أطال النوم عمرا ولا
قصر في الأعمار طول السهر
سرى بجسمي الغض ماء الفناء
وسار في روحي لهيب الشقاء
وهمت مثل الريح حتى ذرت
تراب جسمي عاصفات القضاء
إذا كان يجري الدهر عكس مرامنا
فهل جدنا يجدي أو الفكر ينفع
جلسنا زمانا حائرين لأننا
إلى العيش أبطأنا وللموت نسرع
يا من يحار الفهم في قدرتك
وتطلب النفس حمى طاعتك
أسكرني الإثم ولكنني
صحوت بالآمال في رحمتك
بهرام غدا قصرك بعد السهرات
نهباً بيدي بنات أوى وضباء
قد كنت مدى العمر تصيد الضبيات
واليوم قد صادك قبر بعراء
كأن الذي أبدعني يعلم
إن عشت ما أجني وما آثم
فكيف يجزيني على أنني
أجرمت والجرم قضا مبرم
مصباح قلبي يستمد الضياء
من طلعة الغيد ذوات البهاء
لكنني مثل الفراش الذي
يسعى إلى النور وفيه الفناء
وأسعد الخلق قليل الفضول
من يهجر الناس ويرضي القليل
كأنه عنقاء عند السهي
لا بومة تنعب بين الطلول
ان الذي تأنس فيه الوفاء
لا يحفظ الود وعهد الإخاء
فعاشر الناس على ريبة
منهم ولا تكثر من الأصدقاء
يا رب في فهمك حار البشر
وقصر العاجز والمقتدر
تبعث نجواك وتبدو لهم
وهم بلا سمع يعي أو بصر
خير لي العشق وكأس المدام
من ادعاء الزهد والاحتشام
لو كانت النار لمثلي خلت
جنات عدن من جميع الأنام
سمعت صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الحان غفاة البشر
هبّوا املأوا كأس المنى قبل
أن تملأ كأس العمر كفّ القدر.
إذا بلغت المجد قالوا زنيم
وإن لزمت الدار قالوا لئيم
فجانب الناس ولا تلتمس
معرفة تورث حمل الهموم
هات اسقني كأس الطلى السلسلِ
وغنني لحناً مع البلبل
فإنما الإبريق في صبه
يحكي خرير الماء في الجدول
يا دهر أكثرت البلى والخراب
وسمت كل الناس سوء العذاب
ويا ثرى كم فيك من جوهر
يبين لو يُنبَش هذا التراب
الدهر لا يعطي الذي نأمل
وفي سبيل اليأس ما نعمل
ونحن في الدنيا على همها
يسوقنا حادي الردى المعجل
إن تفصل القطرة من بحرها
ففي مداه منتهى أمرها
تقاربت يا رب ما بيننا
مسافة البعد على قدرها
كنا فصرنا قطرة في عباب
عشنا وعدنا ذرة في التراب
جئنا إلى الأرض ورحنا كما
دبَ عليها النمل حيناً وغاب
إن دارت الكأس ولذ الشراب
فكن رضي النفس بين الصحاب
واشرب فما يجديك هجر الطلى
إن كان مقدوراً عليك العذاب
أحسن إلى الأعداء والأصدقاء
فإنما أُنس القلوب الصفاء
واغفر لأصحابك زلاتهم
وسامح الأعداء تمح العداء
لم أشرب الخمر ابتغاء الطرب
ولا دعتني قلة في الأدب
لكن إحساسي نازعا إلى
إطلاق نفسي كان السبب
عبدك عاص أين منك الرضا
وقلبه داج فأين الضياء
إن كانت الجنة مقصورة
على المطيعين فأين العطاء
يا من نسيت النار يوم الحساب
وعفت أن تشرب ماء المتاب
أخاف إن هبت رياح الرُدي
عليك أن يأنف منك التراب
دنياك ساعات سراع الزوال
وغنما العقبى خلود المآل
فهل تبيع الخلد ياغافلا
وتشتري دنيا المنى والضلال
علام تشقى في سبيل الألم
ما كنت تدري أنك ابن العدم
الدهر لا تجري مقاديره
بأمرنا فارض بما قد حكم
زجاجة الخمر ونصف الرغيف
وما حوى ديوان شعر طريف
أحب لي إن كنت لي مؤنسا
في بلقع من كل ملك منيف
بي من جفاء الدهر هم طويل
ومن شقاء العيش حزن دخيل
قلبي كدن الخمر يجري دما
ومقلتي بالدمع كأس تسيل
وإنما بالموت كل رهين
فاطرب فما أنت من الخالدين
واشرب ولا تحمل أسي فادحاً
وخل حمل الهم للاحقين
إذا أردت أن تعرف الصفاء والسلام
فاحدب على تعساء الحياة
أولئك الذين يرتعدون في شقائهم
عندئذ تظفر بالسعادة!
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان
نار الهوى تمنع طيب المنام
وراحة النفس ولذ الطعام
وفاتر الحب ضعيف اللّظى
منطفئ الشعلة خابي الضرام
عش راضيًا واهجر دواعي الألم
واعدل مع الظالم مهما ظلم
نهاية الدنيا فناء فعش
فيها طليقًا واعتبرها عدم
سئمت يا ربي حياة الألم
وزاد همي الفقر لما ألم
ربي انتشلني من وجودي فقد
جعلت في الدنيا وجودي عدم
نمضي وتبقى العيشة الراضية
وتنمحي آثارنا الماضية
فقبل أن نحيا ومن بعدنا
وهذه الدنيا على ما هيه
أولى بهذا القلب أن يخفقا
وفي ضرام الحب أن يحرقا
ما أضيع اليوم الذي مر بي
من غير أن أهوى وأن أعشقا
القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يا رب هل يرضيك هذا الظما
والماء ينساب أمامي زلال
إن الذي يعرف سر القضاء
يرى سواء سعده والشقاء
العيش فان فلندع أمره
أكان داء مسنا أم دواء
وإنما نحن رخاخ القضاء
ينقلنا في اللوح أنى يشاء
وكل من يفرغ من دوره
يلقى به في مستقر الفناء
نصبت في الدنيا شراك الهوى
وقلت أجزي كل قلب غوى
أتنصب الفخ لصيدي وإن
وقعت فيه قلت غاص هوى
أفنيت عمري في ارتقاب المنى
و لم أذق في العيش طعم الهنا
وإنني أشفق أن ينقضي
عمري و ما فارقت هذا العنا
لا تأمل الخل المقيم الوفاء
فإنما أنت بدنيا الرياء
تحمل الداء ولا تلتمس
له دواء وانفرد بالشقاء
تملك الناس الهوى والغرور
وفتنة الغيد وسكنى القصور
ولو تزال الحجب بانت لهم
زخارف الدنيا وعقبي الأمور
لم يجن شيئاً من حياتي الوجود
ولن يضير الكون أني أبيد
واحيرتي ما قال لي قائل
ماذا اشتعال الروح كيف الخمود
لا طيب في الدنيا بغير الشراب
ولا شجي فيها بغير الرباب
في أحوالها لم أجد
أمتع فيها من لقاء الصحاب
حتام يغري النفس برق الرجاء
ويفزع الخاطر طيف الشقاء
هات اسقنيها لست أدري إذا
صعدت أنفاسي رددت الهواء
أولى بهذي الأعين الهاجده
أن تغتدي في أنسها ساهده
تنفس الصبح فقم قبل أن
تحرمه أنفاسنا الهامده
سرى بجسمي الغض ماء الفناء
وسار في روحي لهيب الشقاء
وهمت مثل الريح حتى ذرت
تراب جسمي عاصفات القضاء
اشرب فمثواك التراب المهيل
بلا حبيب مؤنس أو خليل
وانشق عبير العيش في فجره
فليس يزهو الورد بعد الذبول
كم الم الدهر فؤادا طعين
وأسلم الروح ظعين حزين
وليس ممن فاتنا عائد
أسأله عن حالة الراحلين
بستان أيامك نامي الشجر
فكيف لا تقطف غض الثمر
اشرب فهذا اليوم إن أدبرت
به الليالي لم يعده القدر
لا أفضح السر لعال ودون
ولا أطيل القول حتى يبين
حالي لا أقوى على شرحها
وفي حنايا الصدر سري دفين
من يحسب المال أحب المنى
ويزرع الأرض يريد الغنى
يفارق الدنيا ولم يختبر
في كده أحوال هذى الدنى
قيل لدى الحشر يكون الحساب
فيغضب الله الشديد العقاب
وما انطوى الرحمن إلا على
إنالة الخير ومنح الثواب
وأسعد الخلق الذي يرزق
وبابه دون الورى مغلق
لا سيد فيهم ولا خادم لهم
ولكن وادع مطلق
تعاقب الأيام يدني الأجل
ومرها يطويك طي السجل
وسوف تفنى وهي في كرها
فقض ما تغنمه في جذل