- أفضل قصائد أبو فراس الحمداني
- قصيدة: أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
- قصيدة: أقول وقد ناحت بقربي حمامة
- قصيدة: أما لجميل عندكن ثواب
- قصيدة: كيف السبيل إلى طيف يزاوره
- قصيدة: أبيت كأني للصبابة صاحب
- قصيدة: دعوتك للجفن القريح المسهد
- قصيدة: تقر دموعي بشوقي إليك
- قصيدة: أما يردع الموت أهل النهى
- قصيدة: أقناعة من بعد طول جفاء
- قصيدة: أيا أم الأسير سقاك غيث
- قصيدة: أبنيتي لا تحزني
- قصيدة: أتزعم أنك خدن الوفاء
- قصيدة: مصابي جليل والعزاء جميل
أبو فراس الحمداني هو شاعر وقائد عسكري، وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني، عُرف أبو فراس ببسالة وشجاعة في المعارك، واشتهرت قصائده بالفروسية والحب.
أفضل قصائد أبو فراس الحمداني
كان أبو فراس شاعرًا مُبدعًا، تميز شعره بالجزالة والقوة، وعبّر عن مشاعره وأحاسيسه تجاه مختلف الأحداث التي عاشها.
تنوعت أغراض شعره بين الفخر والرثاء والوصف والغزل والحكمة، كما تُعدّ قصائده من أروع ما قيل في الشعر العربي، وتُدرّس في المناهج الدراسية في العديد من الدول العربية.
وفيما يلي بعض من أجمل قصائد أبو فراس الحمداني. تتميز هذه القصائد بجمالها وبلاغتها، وتعكس فلسفة الشاعر في الحياة والموت والحب.
قصيدة: أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ
أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ
بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ
وَلَكِنَّ مِثلي لا يُذاعُ لَهُ سِرُّ
إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى
وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبرُ
تَكادُ تُضيءُ النارُ بَينَ جَوانِحي
إِذا هِيَ أَذكَتها الصَبابَةُ وَالفِكرُ
مُعَلِّلَتي بِالوَصلِ وَالمَوتُ دونَهُ
إِذا مِتَّ ظَمآناً فَلا نَزَلَ القَطرُ
حَفِظتُ وَضَيَّعتِ المَوَدَّةَ بَينَنا
وَأَحسَنَ مِن بَعضِ الوَفاءِ لَكِ العُذرُ
وَما هَذِهِ الأَيّامُ إِلّا صَحائِفٌ
لِأَحرُفِها مِن كَفِّ كاتِبِها بَشرُ
بِنَفسي مِنَ الغادينَ في الحَيِّ غادَةً
هَوايَ لَها ذَنبٌ وَبَهجَتُها عُذرُ
تَروغُ إِلى الواشينَ فِيَّ وَإِنَّ لي
لَأُذناً بِها عَن كُلِّ واشِيَةٍ وَقرُ
بَدَوتُ وَأَهلي حاضِرونَ لِأَنَّني
أَرى أَنَّ داراً لَستِ مِن أَهلِها قَفرُ
وَحارَبتُ قَومي في هَواكِ وَإِنَّهُم
وَإِيّايَ لَولا حُبَّكِ الماءُ وَالخَمرُ
فَإِن يَكُ ما قالَ الوُشاةُ وَلَم يَكُن
فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ ما شَيَّدَ الكُفرُ
وَفَيتُ وَفي بَعضِ الوَفاءِ مَذَلَّةٌ
لِإِنسانَةٍ في الحَيِّ شيمَتُها الغَدرُ
وَقورٌ وَرَيعانُ الصِبا يَستَفِزُّها
فَتَأرَنُ أَحياناً كَما أَرِنَ المُهرُ
تُسائِلُني مَن أَنتَ وَهيَ عَليمَةٌ
وَهَل بِفَتىً مِثلي عَلى حالِهِ نُكرُ
فَقُلتُ كَما شاءَت وَشاءَ لَها الهَوى
قَتيلُكِ قالَت أَيَّهُم فَهُمُ كُثرُ
فَقُلتُ لَها لَو شِئتِ لَم تَتَعَنَّتي
وَلَم تَسأَلي عَنّي وَعِندَكِ بي خُبرُ
فَقالَت لَقَد أَزرى بِكَ الدَهرُ بَعدَنا
فَقُلتُ مَعاذَ اللَهِ بَل أَنتِ لا الدَهرُ
وَما كانَ لِلأَحزانِ لَولاكِ مَسلَكٌ
إِلى القَلبِ لَكِنَّ الهَوى لِلبِلى جِسرُ
وَتَهلِكُ بَينَ الهَزلِ وَالجَدِّ مُهجَةٌ
إِذا ما عَداها البَينُ عَذَّبَها الهَجرُ
فَأَيقَنتُ أَن لا عِزَّ بَعدي لِعاشِقٍ
وَأَنَّ يَدي مِمّا عَلِقتُ بِهِ صِفرُ
وَقَلَّبتُ أَمري لا أَرى لِيَ راحَةً
إِذا البَينُ أَنساني أَلَحَّ بِيَ الهَجرُ
فَعُدتُ إِلى حُكمِ الزَمانِ وَحُكمِها
لَها الذَنبُ لا تُجزى بِهِ وَلِيَ العُذرُ
كَأَنّي أُنادي دونَ مَيثاءَ ظَبيَةً
عَلى شَرَفٍ ظَمياءَ جَلَّلَها الذُعرُ
تَجَفَّلُ حيناً ثُمَّ تَرنو كَأَنَّها
تُنادي طَلاً بِالوادِ أَعجَزَهُ الخُضرُ
فَلا تُنكِريني يا اِبنَةَ العَمِّ إِنَّهُ
لِيَعرِفُ مَن أَنكَرتِهِ البَدوُ وَالحَضرُ
وَلا تُنكِريني إِنَّني غَيرُ مُنكِرٍ
إِذا زَلَّتِ الأَقدامُ وَاِستُنزِلَ النَصرُ
وَإِنّي لَجَرّارٌ لِكُلِّ كَتيبَةٍ
مُعَوَّدَةٍ أَن لا يُخِلَّ بِها النَصرُ
وَإِنّي لَنَزّالٌ بِكُلِّ مَخوفَةٍ
كَثيرٌ إِلى نُزّالِها النَظَرُ الشَزرُ
فَأَظمَأُ حَتّى تَرتَوي البيضُ وَالقَنا
وَأَسغَبُ حَتّى يَشبَعَ الذِئبُ وَالنَسرُ
وَلا أُصبِحُ الحَيَّ الخَلوفَ بِغارَةٍ
وَلا الجَيشَ ما لَم تَأتِهِ قَبلِيَ النُذرُ
وَيا رُبَّ دارٍ لَم تَخَفني مَنيعَةٍ
طَلَعتُ عَلَيها بِالرَدى أَنا وَالفَجرُ
وَحَيٍّ رَدَدتُ الخَيلَ حَتّى مَلَكتُهُ
هَزيماً وَرَدَّتني البَراقِعُ وَالخُمرُ
وَساحِبَةِ الأَذيالِ نَحوي لَقيتُها
فَلَم يَلقَها جافي اللِقاءِ وَلا وَعرُ
وَهَبتُ لَها ما حازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ
وَرُحتُ وَلَم يُكشَف لِأَبياتِها سِترُ
وَلا راحَ يُطغيني بِأَثوابِهِ الغِنى
وَلا باتَ يَثنيني عَنِ الكَرَمِ الفَقرُ
وَما حاجَتي بِالمالِ أَبغي وُفورَهُ
إِذا لَم أَفِر عِرضي فَلا وَفَرَ الوَفرُ
أَسِرتُ وَما صَحبي بِعُزلٍ لَدى الوَغى
وَلا فَرَسي مُهرٌ وَلا رَبُّهُ غَمرُ
وَلَكِن إِذا حُمَّ القَضاءُ عَلى اِمرِئٍ
فَلَيسَ لَهُ بَرٌّ يَقيهِ وَلا بَحرُ
وَقالَ أُصَحابي الفِرارُ أَوِ الرَدى
فَقُلتُ هُما أَمرانِ أَحلاهُما مُرُّ
وَلَكِنَّني أَمضي لِما لا يُعيبُني
وَحَسبُكَ مِن أَمرَينِ خَيرَهُما الأَسرُ
يَقولونَ لي بِعتَ السَلامَةَ بِالرَدى
فَقُلتُ أَما وَاللَهِ ما نالَني خُسرُ
وَهَل يَتَجافى عَنِّيَ المَوتُ ساعَةً
إِذا ما تَجافى عَنِّيَ الأَسرُ وَالضَرُّ
هُوَ المَوتُ فَاِختَر ما عَلا لَكَ ذِكرُهُ
فَلَم يَمُتِ الإِنسانُ ماحَيِيَ الذِكرُ
وَلا خَيرَ في دَفعِ الرَدى بِمَذَلَّةٍ
كَما رَدَّها يَوماً بِسَوءَتِهِ عَمروُ
يَمُنّونَ أَن خَلّوا ثِيابي وَإِنَّما
عَلَيَّ ثِيابٌ مِن دِمائِهِمُ حُمرُ
وَقائِمُ سَيفٍ فيهِمُ اندَقَّ نَصلُهُ
وَأَعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطَّمُ الصَدرُ
سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم
وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
فَإِن عِشتُ فَالطَعنُ الَّذي يَعرِفونَهُ
وَتِلكَ القَنا وَالبيضُ وَالضُمَّرُ الشُقرُ
وَإِن مُتُّ فَالإِنسانُ لابُدَّ مَيِّتٌ
وَإِن طالَتِ الأَيّامُ وَاِنفَسَحَ العُمرُ
وَلَو سَدَّ غَيري ما سَدَدتُ اِكتَفوا بِهِ
وَما كانَ يَغلو التِبرُ لَو نَفَقَ الصُفرُ
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا
لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
أَعَزُّ بَني الدُنيا وَأَعلى ذَوي العُلا
وَأَكرَمُ مَن فَوقَ التُرابِ وَلا فَخرُ
اقرأ أيضًا: أجمل أشعار عنترة بن شداد العبسي.
قصيدة: أقول وقد ناحت بقربي حمامة
أقُولُ وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبي حمامَةٌ
أيا جارتا هل تشعرين بحالي
معاذَ الهوى ما ذقتُ طارقةَ النوى
وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمُومُ ببالِ
أتحملُ محزونَ الفؤادِ قوادمٌ
على غصنٍ نائي المسافةِ عالِ
أيا جارتا ما أنصفَ الدهرُ بيننا
تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ تَعَالِي
تَعَالَيْ تَرَيْ رُوحاً لَدَيّ ضَعِيفَةً
تَرَدّدُ في جِسْمٍ يُعَذّبُ بَالي
أيَضْحَكُ مأسُورٌ وَتَبكي طَلِيقَةٌ
ويسكتُ محزونٌ ويندبُ سالِ
لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلةً
وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ
اقرأ أيضًا: أجمل شعر عربي فصيح.
قصيدة: أما لجميل عندكن ثواب
أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ
وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ
لَقَد ضَلَّ مَن تَحوي هَواهُ خَريدَةٌ
وَقَد ذَلَّ مَن تَقضي عَلَيهِ كَعابُ
وَلَكِنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ حازِمٌ
أَعِزُّ إِذا ذَلَّت لَهُنَّ رِقابُ
وَلا تَملِكُ الحَسناءُ قَلبِيَ كُلَّهُ
وَإِن شَمِلَتها رِقَّةٌ وَشَبابُ
وَأَجري فَلا أُعطي الهَوى فَضلَ مِقوَدي
وَأَهفو وَلا يَخفى عَلَيَّ صَوابُ
إِذا الخِلُّ لَم يَهجُركَ إِلّا مَلالَةً
فَلَيسَ لَهُ إِلّا الفِراقَ عِتابُ
إِذا لَم أَجِد مِن خُلَّةٍ ما أُريدُهُ
فَعِندي لِأُخرى عَزمَةٌ ورِكابُ
وَلَيسَ فِراقٌ ما اِستَطَعتُ فَإِن يَكُن
فِراقٌ عَلى حالٍ فَلَيسَ إِيابُ
صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ
قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني
وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَأَلحَظُ أَحوالَ الزَمانِ بِمُقلَةٍ
بِها الصُدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ
بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ
وَمِن أَينَ لِلحُرِّ الكَريمِ صِحابُ
وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم
ذِئاباً عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ
تَغابَيتُ عَن قَومي فَظَنّوا غَباوَتي
بِمَفرِقِ أَغبانا حَصىً وَتُرابُ
وَلَو عَرَفوني حَقَّ مَعرِفَتي بِهِم
إِذاً عَلِموا أَنّي شَهِدتُ وَغابوا
وَما كُلُّ فَعّالٍ يُجازى بِفِعلِهِ
وَلا كُلُّ قَوّالٍ لَدَيَّ يُجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي
كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
إِلى اللَهِ أَشكو أَنَّنا بِمَنازِلٍ
تَحَكَّمُ في آسادِهِنَّ كِلابُ
تَمُرُّ اللَيالي لَيسَ لِلنَفعِ مَوضِعٌ
لَدَيَّ وَلا لِلمُعتَفينَ جَنابُ
وَلا شُدَّ لي سَرجٌ عَلى ظَهرِ سابِحٍ
وَلا ضُرِبَت لي بِالعَراءِ قِبابُ
وَلا بَرَقَت لي في اللِقاءِ قَواطِعٌ
وَلا لَمَعَت لي في الحُروبِ حِرابُ
سَتَذكُرُ أَيّامي نُمَيرٌ وَعامِرٌ
وَكَعبٌ عَلى عِلّاتِها وَكِلابُ
أَنا الجارُ لا زادي بَطيءٌ عَلَيهُمُ
وَلا دونَ مالي لِلحَوادِثِ بابُ
وَلا أَطلُبُ العَوراءَ مِنهُم أُصيبُها
وَلا عَورَتي لِلطالِبينَ تُصابُ
وَأَسطو وَحُبّي ثابِتٌ في صُدورِهِم
وَأَحلَمُ عَن جُهّالِهِم وَأُهابُ
بَني عَمِّنا ما يَصنَعُ السَيفُ في الوَغى
إِذا فُلَّ مِنهُ مَضرِبٌ وَذُبابُ
بَني عَمِّنا لا تُنكِروا الحَقَّ إِنَّنا
شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلابُ
بَني عَمِّنا نَحنُ السَواعِدُ وَالظُبى
وَيوشِكُ يَوماً أَن يَكونَ ضِرابُ
وَإِنَّ رِجالاً ما اِبنَكُم كَاِبنِ أُختِهِم
حَرِيّونَ أَن يُقضى لَهُم وَيُهابوا
فَعَن أَيِّ عُذرٍ إِن دُعوا وَدُعيتُم
أَبَيتُم بَني أَعمامِنا وَأَجابوا
وَما أَدَّعي ما يَعلَمُ اللَهُ غَيرَهُ
رِحابُ عَلِيٍّ لِلعُفاةِ رِحابُ
وَأَفعالُهُ لِلراغِبينَ كَريمَةٌ
وَأَموالُهُ لِلطالِبينَ نِهابُ
وَلَكِن نَبا مِنهُ بِكَفَّيَّ صارِمٌ
وَأَظلَمَ في عَينَيَّ مِنهُ شِهابُ
وَأَبطَأَ عَنّي وَالمَنايا سَريعَةٌ
وَلِلمَوتِ ظُفرٌ قَد أَطَلَّ وَنابُ
فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ
وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ
فَأَحوَطُ لِلإِسلامِ أَن لا يُضيعَني
وَلي عَنكَ فيهِ حَوطَةٌ وَمَنابُ
وَلَكِنَّني راضٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ
لِيُعلَمَ أَيُّ الحالَتَينِ سَرابُ
وَما زِلتُ أَرضى بِالقَليلِ مَحَبَّةً
لَدَيكَ وَما دونَ الكَثيرِ حِجابُ
وَأَطلُبُ إِبقاءً عَلى الوُدِّ أَرضَهُ
وَذِكري مُنىً في غَيرِها وَطِلابُ
كَذاكَ الوِدادُ المَحضُ لا يُرتَجى لَهُ
ثَوابٌ وَلا يُخشى عَلَيهِ عِقابُ
وَقَد كُنتُ أَخشى الهَجرَ وَالشَملُ جامِعٌ
وَفي كُلِّ يَومٍ لَفتَةٌ وَخِطابُ
فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَرٍ
وَلِلبَحرِ حَولي زَخرَةٌ وَعُبابُ
أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ
أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ
وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ
وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ
قصيدة: كيف السبيل إلى طيف يزاوره
كَيفَ السَبيلُ إِلى طَيفٍ يُزاوِرُهُ
وَالنَومُ في جُملَةِ الأَحبابِ هاجِرُهُ
الحُبُّ آمِرُهُ وَالصَونُ زاجِرُهُ
وَالصَبرُ أَوَّلُ ما تَأتي أَواخِرُهُ
أَنا الَّذي إِن صَبا أَو شَفَّهُ غَزَلٌ
فَلِلعَفافِ وَلِلتَقوى مَآزِرُهُ
وَأَشرَفُ الناسِ أَهلُ الحُبِّ مَنزِلَةٍ
وَأَشرَفُ الحُبِّ ما عَفَّت سَرائِرُهُ
ما بالُ لَيلِيَ لا تَسري كَواكِبُهُ
وَطَيفُ عَزَّةَ لا يَعتادُ زائِرُهُ
مَن لا يَنامُ فَلا صَبرٌ يُؤازِرُهُ
وَلا خَيالٌ عَلى شَحطٍ يُزاوِرُهُ
يا ساهِراً لَعِبَت أَيدي الفِراقِ بِهِ
فَالصَبرُ خاذِلُهُ وَالدَمعُ ناصِرُهُ
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي هامَ الفُؤادُ بِهِ
يَنامُ عَن طولِ لَيلٍ أَنتَ ساهِرُهُ
ما أَنسَ لا أَنسَ يَومَ البَينِ مَوقِفَنا
وَالشَوقُ يَنهى البُكى عَنّي وَيَأمُرُهُ
وَقَولَها وَدُموعُ العَينِ واكِفَةٌ
هَذا الفِراقُ الَّذي كُنّا نُحاذِرُهُ
هَل أَنتِ يا رِفقَةَ العُشّاقِ مُخبِرَتي
عَنِ الخَليطِ الَّذي زُمَّت أَباعِرُهُ
وَهَل رَأَيتِ أَمامَ الحَيِّ جارِيَةً
كَالجُؤذَرِ الفَردِ تَقفوهُ جَآذِرُهُ
وَأَنتَ يا راكِباً يُزجي مَطِيَّتُهُ
يَستَطرِقُ الحَيَّ لَيلاً أَو يُباكِرُهُ
إِذا وَصَلتَ فَعَرِّض بي وَقُل لَهُمُ
هَل واعِدُ الوَعدِ يَومَ البَينِ ذاكِرُهُ
ما أَعجَبَ الحُبَّ يُمسي طَوعَ جارِيَةٍ
في الحَيِّ مَن عَجَزَت عَنهُ مَساعِرُهُ
وَيَتَّقي الحَيَّ مِن جاءٍ وَغادِيَةٍ
كَيفَ الوُصولُ إِذا ما نامَ سامِرُهُ
يا أَيُّها العاذِلُ الراجي إِنابَتَهُ
وَالحُبُّ قَد نَشِبَت فيهِ أَظافِرُهُ
لا تُشعِلَنَّ فَما يَدري بِحُرقَتِهِ
أَأَنتَ عاذِلُهُ أَم أَنتَ عاذِرُهُ
وَراحِلٍ أَوحَشَ الدُنيا بِرِحلَتِهِ
وَإِن غَداً مَعَهُ قَلبي يُسايِرُهُ
هَل أَنتَ مُبلِغُهُ عَنّي بِأَنَّ لَهُ
وُدّاً تَمَكَّنَ في قَلبي يُجاوِرُهُ
وَأَنَّني مَن صَفَت مِنهُ سَرائِرُهُ
وَصَحَّ باطِنُهُ مِنهُ وَظاهِرُهُ
وَما أَخوكَ الَّذي يَدنو بِهِ نَسَبٌ
لَكِن أَخوكَ الَّذي تَصفو ضَمائِرُهُ
وَأَنَّني واصِلٌ مَن أَنتَ واصِلُهُ
وَأَنَّني هاجِرٌ مَن أَنتَ هاجِرُهُ
وَلَستُ واجِدَ شَيءٍ أَنتَ عادِمُهُ
وَلَستُ غائِبَ شَيءٍ أَنتَ حاضِرُهُ
وافى كِتابُكَ مَطوِيّاً عَلى نُزَهٍ
يَحارُ سامِعُهُ فيهِ وَناظِرُهُ
فَالعَينُ تَرتَعُ فيما خَطَّ كاتِبُهُ
وَالسَمعُ يَنعَمُ فيما قالَ شاعِرُهُ
فَإِن وَقَفتُ أَمامَ الحَيِّ أُنشِدُهُ
وَدَّ الخَرائِدُ لَو تُقنى جَواهِرُهُ
أَبا الحُصَينِ وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ
أَنتَ الصَديقُ الَّذي طابَت مَخابِرُهُ
لَولا اِعتِذارُ أَخِلّائي بِكَ اِنصَرَفوا
بِوَجهِ خَزيانَ لَم تُقبَل مَعاذِرُهُ
أَينَ الخَليلُ الَّذي يُرضيكَ باطِنُهُ
مَعَ الخُطوبِ كَما يُرضيكَ ظاهِرُهُ
أَمّا الكِتابُ فَإِنّي لَستُ أَقرَؤُهُ
إِلّا تَبادَرَ فَوقَ الدُرِّ ناثِرُهُ
يَجري الجُمانُ عَلى مِثلِ الجُمانِ بِهِ
وَيَنشُرُ الدُرَّ فَوقَ الدُرِّ ناثِرُهُ
أَنا الَّذي لا يُصيبُ الدَهرُ عِترَتَهُ
وَلا يَبيتُ عَلى خَوفٍ مُجاوِرُهُ
يُمسي وَكُلُّ بِلادٍ حَلَّها وَطَنٌ
وَكُلُّ قَومٍ غَدا فيهِم عَشائِرُهُ
وَما تُمَدُّ لَهُ الأَطنابُ في بَلَدٍ
إِلّا تَضَعضَعَ باديهِ وَحاضِرُهُ
لِيَ التَخَيُّرُ مُشتَطّاً وَمُنتَصِفاً
وَلِلأَفاضِلِ بَعدي ما أُغادِرُهُ
وَكَيفَ تَنتَصِفُ الأَعداءُ مِن رَجُلٍ
العِزُّ أَوَّلُهُ وَالمَجدُ آخِرُهُ
زاكي الأُصولِ كَريمُ النَبعَتَينِ وَمَن
زَكَت أَوائِلُهُ طابَت أَواخِرُهُ
فَمِن سَعيدِ بنِ حَمدانٍ وِلادَتُهُ
وَمِن عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللَهِ سائِرُهُ
القائِلُ الفاعِلُ المَأمونُ نَبوَتُهُ
وَالسَيِّدُ الأَيِّدُ المَيمونُ طائِرُهُ
بَنى لَنا العِزَّ مَرفوعاً دَعائِمُهُ
وَشَيَّدَ المَجدَ مُشتَدّاً مَرائِرُهُ
فَما فَضائِلُنا إِلّا فَضائِلُهُ
وَلا مَفاخِرُنا إِلّا مَفاخِرُهُ
لَقَد فَقَدتُ أَبي طِفلاً فَكانَ أَبي
مِنَ الرِجالِ كَريمُ العودِ ناضِرُهُ
فَهوَ اِبنُ عَمِّيَ دُنيا حينَ أَنسُبُهُ
لَكِنَّهُ لِيَ مَولىً لا أُناكِرُهُ
ما زالَ لي نَجوَةً مِمّا أُحاذِرُهُ
لا زالَ في نَجوَةٍ مِمّا يُحاذِرُهُ
وَإِنَّما وَقَّتِ الدُنيا مُوَقِّتَها
مِنهُ وَعُمِّرَ لِلإِسلامِ عامِرُهُ
هَذا كِتابُ مَشوقِ القَلبِ مُكتَئِبٍ
لَم يَألُ ناظِمُهُ جُهداً وَناثِرُهُ
وَقَد سَمَحتُ غَداةَ البَينِ مُبتَدِئاً
مِنَ الجَوابِ بِوَعدٍ أَنتَ ذاكِرُهُ
بَقيتَ ما غَرَّدَت وُرقُ الحَمامِ
وَما اِستَهَلَّ مِن مونَقِ الوَسمِيِّ باكِرُهُ
حَتّى تُبَلَّغَ أَقصى ما تُؤَمِّلُهُ
مِنَ الأُمورِ وَتُكفى ما تُحاذِرُهُ
قصيدة: أبيت كأني للصبابة صاحب
أَبيتُ كَأَنّي لِلصَبابَةِ صاحِبُ
وَلِلنَومِ مُذ بانَ الخَليطُ مُجانِبُ
وَما أَدَّعي أَنَّ الخُطوبَ تُخيفُني
لَقَد خَبَّرَتني بِالفِراقِ النَواعِبُ
وَلَكِنَّني مازِلتُ أَرجو وَأَتَّقي
وَجَدَّ وَشيكُ البَينِ وَالقَلبُ لاعِبُ
وَما هَذِهِ في الحُبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ
أَساءَت إِلى قَلبي الظُنونُ الكَواذِبُ
عَلَيَّ لِرَبعِ العامِرِيَّةِ وَقفَةٌ
تُمِلُّ عَلَيَّ الشَوقَ وَالدَمعُ كاتِبُ
فَلا وَأَبي العُشّاقِ ما أَنا عاشِقٌ
إِذا هِيَ لَم تَلعَب بِصَبري المَلاعِبُ
وَمِن مَذهَبي حُبُّ الدِيارِ لِأَهلِها
وَلِلناسِ فيما يَعشَقونَ مَذاهِبُ
عَتادي لِدَفعِ الهَمِّ نَفسٌ أَبِيَّةٌ
وَقَلبٌ عَلى ماشِئتُ مِنهُ مُصاحِبُ
وَجُردٌ كَأَمثالِ السَعالى سَلاهِبٌ
وَخَوصٌ كَأَمثالِ القَسِيِّ نَجائِبُ
تَكاثَرَ لُوّامي عَلى ما أَصابَني
كَأَن لَم تَكُن إِلّا لِأَسري النَوائِبُ
يَقولونَ لَم يَنظُر عَواقِبَ أَمرِهِ
وَمِثلِيَ مَن تَجري عَليهِ العَواقِبُ
أَلَم يَعلَمِ الذُلّانُ أَنَّ بَني الوَغى
كَذاكَ سَليبٌ بِالرِماحِ وَسالِبُ
وَإِنَّ وَراءَ الحَزمِ فيها وَدونَهُ
مَواقِفَ تُنسى دُنَهُنَّ التَجارِبُ
أَرى مِلءَ عَينَيَّ الرَدى فَأَخوضُهُ
إِذِ المَوتُ قُدّامي وَخَلفي المَعايِبُ
وَأَعلَمُ قَوماً لَو تَتَعتَعتُ دونَها
لَأَجهَضَني بِالذَمِّ مِنهُم عَصائِبُ
وَمُضطَغِنٍ لَم يَحمِلِ السِرَّ قَلبُهُ
تَلَفَّتَ ثُمَّ اِغتابَني وَهوَ هائِبُ
تَرَدّى رِداءَ الذُلِّ لَمّا لَقيتُهُ
كَما تَتَرَدّى بِالغُبارِ العَناكِبُ
وَمِن شَرَفي أَن لا يَزالُ يُعيبُني
حَسودٌ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ عائِبُ
رَمَتني عُيونُ الناسِ حَتّى أَظُنُّها
سَتَحسُدُني في الحاسِدينَ الكَواكِبُ
فَلَستُ أَرى إِلّا عَدُوّاً مُحارِباً
وَآخَرَ خَيرٌ مِنهُ عِندي المُحارِبُ
هُمُ يُطفِؤونَ المَجدَ وَاللَهُ موقِدٌ
وَكَم يَنقُصونَ الفَضلَ وَاللَهُ واهِبُ
وَيَرجونَ إِدراكَ العُلا بِنُفوسِهِم
وَلَم يَعلَموا أَنَّ المَعالي مَواهِبُ
وَهَل يَدفَعُ الإِنسانُ ما هُوَ واقِعٌ
وَهَل يَعلَمُ الإِنسانُ ما هُوَ كاسِبُ
وَهَل لِقَضاءِ اللَهِ في الناسِ غالِبٌ
وَهَل مِن قَضاءِ اللَهِ في الناسِ هارِبُ
عَلَيَّ طِلابُ المَجدِ مِن مُستَقِرِّهِ
وَلا ذَنبَ لي إِن حارَبَتني المَطالِبُ
وَهَل يُرتَجى لِلأَمرِ إِلّا رِجالُهُ
وَيَأتي بِصَوبِ المُزنِ إِلّا السَحائِبُ
وَعِندِيَ صِدقُ الضَربِ في كُلِّ مَعرَكٍ
وَلَيسَ عَلَيَّ إِن نَبَونَ المَضارِبُ
إِذا كانَ سَيفُ الدَولَةِ المَلكُ كافِلي
فَلا الحَزمُ مَغلوبٌ وَلا الخَصمُ غالِبُ
إِذا اللَهُ لَم يَحرُزكَ مِمّا تَخافُهُ
فَلا الدُرعُ مَنّاعٌ وَلا السَيفُ قاضِبُ
وَلا سابِقٌ مِمّا تَخَيَّلتَ سابِقٌ
وَلا صاحِبٌ مِمّا تَخَيَّرتَ صاحِبُ
عَلَيَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ أَنعُمٌ
أَوانِسُ لَم يَنفِرنَ عَنّي رَبائِبُ
أَأَجحَدُهُ إِحسانُهُ فِيَّ إِنَّني
لَكافِرُ نُعمى إِن فَعَلتُ مُوارِبُ
لَعَلَّ القَوافي عُقنَ عَمّا أَرَدتُهُ
فَلا القَولُ مَردودٌ وَلا العُذرُ ناضيبُ
وَلا شَكَّ قَلبي ساعَةً في اِعتِقادِهِ
وَلا شابَ ظَنّي قَطُّ فيهِ الشَوائِبُ
تُؤَرِّقُني ذِكرى لَهُ وَصَبابَةٌ
وَتَجذُبُني شَوقاً إِلَيهِ الجَواذِبُ
وَلي أَدمُعٌ طَوعى إِذا ما أَمَرتُها
وَهُنَّ عَواصٍ في هَواهُ غَوالِبُ
فَلا تَخشَ سَيفَ الدَولَةِ القَرمَ أَنَّني
سِواكَ إِلى خَلقٍ مِنَ الناسِ راغِبُ
فَلا تَلبَسُ النُعمى وَغَيرُكَ مُلبِسٌ
وَلا تُقبَلُ الدُنيا وَغَيرُكَ واهِبُ
وَلا أَنا مِن كُلِّ المَطاعِمِ طاعِمٌ
وَلا أَنا مِن كُلِّ المَشارِبِ شارِبُ
وَلا أَنا راضٍ إِن كَثُرنَ مَكاسِبي
إِذا لَم تَكُن بِالعِزِّ تِلكَ المَكاسِبُ
وَلا السَيِّدُ القَمقامُ عِندي بِسَيِّدٍ
إِذا اِستَنزَلَتهُ عَن عُلاهُ الرَغائِبُ
أَيَعلَمُ ما نَلقى نَعَم يَعلَمونَهُ
عَلى النَأيِ أَحبابٌ لَنا وَحَبائِبُ
أَأَبقى أَخي دَمعاً أَذاقَ كَرىً أَخي
أَآبَ أَخي بَعدي مِنَ الصَبرِ آإِبُ
بِنَفسي وَإِن لَم أَرضَ نَفسي لَراكِبٌ
يُسائِلُ عَنّي كُلَّما لاحَ راكِبُ
قَريحُ مَجاري الدَمعِ مُستَلَبُ الكَرى
يُقَلقِلُهُ هَمٌّ مِنَ الشَوقِ ناصِبُ
أَخي لا يُذِقني اللَهُ فِقدانَ مِثلِهِ
وَأَينَ لَهُ مِثلٌ وَأَينَ المُقارِبُ
تَجاوَزَتِ القُربى المَوَدَّةُ بَينَنا
فَأَصبَحَ أَدنى ما يُعَدُّ المُناسِبُ
أَلا لَيتَني حُمِّلتُ هَمّي وَهَمُّهُ
وَأَنَّ أَخي ناءٍ عَنِ الهَمِّ عازِبُ
فَمَن لَم يَجُد بِالنَفسِ دونَ حَبيبِهِ
فَما هُوَ إِلّا ماذِقُ الوُدِّ كاذِبُ
أَتاني مَعَ الرُكبانِ أَنَّكَ جازِعٌ
وَغَيرُكَ يَخفى عَنهُ لِلَّهِ واجِبُ
وَما أَنتَ مِمَّن يُسخِطُ اللَهَ فِعلُهُ
وَإِن أَخَذَت مِنهُ الخُطوبُ السَوالِبُ
وَإِنّي لَمِجزاعٌ خَلا أَنَّ عَزمَةً
تُدافِعُ عَنّي حَسرَةً وَتُغالِبُ
وَرِقبَةَ حُسّادٍ صَبَرتُ لِوَقعِها
لَها جانِبٌ مِنّي وَلِلحَربِ جانِبُ
وَكَم مِن حَزينٍ مِثلِ حُزني وَوالِهٍ
وَلَكِنَّني وَحدي الحَزينُ المُراقِبُ
وَلَستُ مَلوماً إِن بَكَيتُكَ مِن دَمي
إِذا قَعَدَت عَنّي الدُموعُ السَواكِبُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
تَناقَلُ بي فيها إِلَيكَ الرَكائِبُ
قصيدة: دعوتك للجفن القريح المسهد
دَعوتُكَ لِلجَفنِ القَريحِ المُسَهَّدِ
لَدَيَّ وَلِلنَومِ القَليلِ المُشَرَّدِ
وَما ذاكَ بُخلاً بِالحَياةِ وَإِنَّها
لَأَوَّلُ مَبذولٍ لِأَوَّلِ مُجتَدِ
وَما الأَسرُ مِمّا ضِقتُ ذَرعاً بِحَملِهِ
وَما الخَطبُ مِمّا أَن أَقولَ لَهُ قَدي
وَما زَلَّ عَنّي أَنَّ شَخصاً مُعَرَّضاً
لِنَبلِ العِدى إِن لَم يُصَب فَكَأَن قَدِ
وَلَكِنَّني أَختارُ مَوتَ بَني أَبي
عَلى صَهَواتِ الخَيلِ غَيرِ مُوَسَّدِ
وَتَأبى وَآبى أَن أَموتَ مُوَسَّداً
بِأَيدي النَصارى مَوتَ أَكمُدَ أَكبَدِ
نَضَوتُ عَلى الأَيّامِ ثَوبَ جَلادَتي
وَلَكِنَّني لَم أَنضَ ثَوبَ التَجَلُّدِ
وَما أَنا إِلّا بَينَ أَمرٍ وَضِدَّهُ
يُجَدَّدُ لي في كُلِّ يَومٍ مَجَدَّدِ
فَمِن حُسنِ صَبرٍ بِالسَلامَةِ واعِدي
وَمِن رَيبِ دَهرٍ بِالرَدى مُتَوَعَّدي
أُقَلِّبُ طَرفي بَينَ خِلٍّ مُكَبَّلٍ
وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَديدِ مُصَفَّدِ
دَعَوتُكَ وَالأَبوابُ تُرتَجُ دونَنا
فَكُن خَيرَ مَدعُوٍّ وَأَكرَمَ مُنجِدِ
فَمِثلُكَ مَن يُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ
وَمِثلِيَ مَن يُفدى بِكُلِّ مُسَوَّدِ
أُناديكَ لا أَنّي أَخافُ مِنَ الرَدى
وَلا أَرتَجي تَأخيرَ يَومٍ إِلى غَدِ
وَقَد حُطِّمَ الخَطِّيُّ وَاِختَرَمَ العِدى
وَفُلَّلَ حَدُّ المَشرَفيِّ المُهَنَّدِ
وَلَكِن أَنِفتُ المَوتَ في دارِ غُربَةٍ
بِأَيدي النَصارى الغُلفُ ميتَةَ أَكمَدِ
فَلا تَترُكِ الأَعداءَ حَولي لِيَفرَحوا
وَلا تَقطَعِ التَسآلَ عَنّي وَتَقعُدِ
وَلا تَقعُدَن عَنّي وَقَد سيمَ فِديَتي
فَلَستَ عَنِ الفِعلِ الكَريمِ بِمُقعَدِ
فَكَم لَكَ عِندي مِن إِيادٍ وَأَنعُمٍ
رَفَعتَ بِها قَدري وَأَكثَرتَ حُسَّدي
تَشَبَّث بِها أُكرومَةً قَبلَ فَوتِها
وَقُم في خَلاصي صادِقَ العَزمِ وَاِقعُدِ
فَإِن مُتَّ بَعدَ اليَومِ عابَكَ مَهلَكي
مَعابَ النِزارِيِّنَ مَهلَكَ مَعبَدِ
هُمُ عَضَلوا عَنهُ الفِداءَ فَأَصبَحوا
وَهُذّونَ أَطرافَ القَريضِ المُقَصَّدِ
وَلَم يَكُ بِدعاً هُلكُهُ غَيرَ أَنَّهُم
يُعابونَ إِذ سيمَ الفِداءُ وَما فُدي
فَلا كانَ كَلبُ الرومِ أَرأَفَ مِنكُمُ
وَأَرغَبَ في كَسبِ الثَناءِ المُخَلَّدِ
وَلا بَلَغَ الأَعداءُ أَن يَتَناهَضوا
وَتَقعُدَ عَن هَذا العَلاءِ المُشَيَّدِ
أَأَضحَوا عَلى أَسراهُمُ بِيَ عُوَّداً
وَأَنتُم عَلى أَسراكُمُ غَيرُ عُوَّدِ
مَتى تُخلِفُ الأَيّامُ مِثلي لَكُم فَتىً
طَويلَ نِجادِ السَيفِ رَحبَ المُقَلَّدِ
مَتى تَلِدُ الأَيّامُ مِثلي لَكُم فَتىً
شَديداً عَلى البَأساءِ غَيرَ مُلَهَّدِ
فَإِن تَفتَدوني تَفتَدوا شَرَفَ العُلا
وَأَسرَعَ عَوّادٍ إِلَيها مُعَوَّدِ
وَإِن تَفتَدوني تَفتَدوا لِعُلاكُم
فَتىً غَيرَ مَردودِ اللِسانِ أَوِ اليَدِ
يُدافِعُ عَن أَعراضِكُم بِلِسانِهِ
وَيَضرِبُ عَنكُم بِالحُسامِ المُهَنَّدِ
فَما كُلُّ مَن شاءَ المَعالي يَنالُها
وَلا كُلُّ سَيّارٍ إِلى المَجدِ يَهتَدي
أَقِلني أَقِلني عَثرَةَ الدَهرِ إِنَّهُ
رَماني بِسَهمٍ صائِبِ النَصلِ مُقصِدِ
وَلَو لَم تَنَل نَفسي وَلاءَكَ لَم أَكُن
لِؤورِدَها في نَصرِهِ كُلَّ مَورِدِ
وَلا كُنتُ أَلقى الأَلفَ زُرقاً عُيونُها
بِسَبعينَ فيهِم كُلَّ أَشأَمَ أَنكَدِ
فَلا وَأَبي ما ساعِدانِ كَساعِدٍ
وَلا وَأَبي ما سَيِّدانِ كَسَيِّدِ
وَلا وَأَبي ما يَفتُقُ الدَهرُ جانِباً
فَيَرتُقُهُ إِلّا بِأَمرٍ مُسَدَّدِ
وَإِنَّكَ لِلمَولى الَّذي بِكَ أَقتَدي
وَإِنَّكَ لِلنَجمِ الَّذي بِكَ أَهتَدي
وَأَنتَ الَّذي عَرَّفتَني طُرُقَ العُلا
وَأَنتَ الَّذي أَهدَيتَني كُلَّ مَقصَدِ
وَأَنتَ الَّذي بَلَّغتَني كُلَّ رُتبَةٍ
مَشيتُ إِلَيها فَوقَ أَعناقِ حُسَّدي
فَيا مُلبِسي النُعمى الَّتي جَلَّ قَدرُها
لَقَد أَخلَقَت تِلكَ الثِيابُ فَجَدِّدِ
أَلَم تَرَ أَنّي فيكَ صافَحتُ حَدَّها
وَفيكَ شَرِبتُ المَوتُ غَيرَ مُصَرَّدِ
يَقولونُ جَنِّب عادَةً ما عَرَفتَها
شَديدٌ عَلى الإِنسانِ ما لَم يُعَوَّدِ
فَقُلتُ أَما وَاللَهِ لا قالَ قائِلٌ
شَهِدتُ لَهُ في الحَربِ أَلأَمَ مَشهَدِ
وَلَكِن سَأَلقاها فَإِمّا مَنِيَّةٌ
هِيَ الظَنُّ أَو بُنيانُ عِزٍّ مُوَطَّدِ
وَلَم أَدرِ أَنَّ الدَهرَ في عَدَدِ العِدى
وَأَنَّ المَنايا السودَ يَرمَينَ عَن يَدِ
بَقيتَ اِبنَ عَبدِ اللَهِ تُحمى مِنَ الرَدى
وَيَفديكَ مِنّا سَيِّدٌ بَعدَ سَيِّدِ
بِعيشَةِ مَسعودٍ وَأَيّامِ سالِمٍ
وَنِعمَةِ مَغبوطٍ وَحالِ مُحَسَّدِ
وَلا يَحرَمَنّي اللَهُ قُربَكَ إِنَّهُ
مُرادي مِنَ الدُنيا وَحَظّي وَسُؤدَدي
قصيدة: تقر دموعي بشوقي إليك
تُقِرّ دُمُوعي بِشَوْقي إلَيْكَ
ويشهدُ قلبي بطولِ الكربْ
وإني لَمُجْتَهِدٌ في الجُحُودِ
وَلَكِنّ نَفْسِيَ تَأبَى الكَذِبْ
وَإني عَلَيْكَ لجَارِي الدّمُوعِ
وَإني عَلَيْكَ لَصَبٌّ وَصِبْ
وما كنتُ أبقي على مهجتي
لَوَ أني انْتَهَيْتُ إلى مَا يَجِبْ
ولكنْ سمحتُ لها بالبقاءِ
رَجَاءَ اللّقَاءِ عَلى مَا تُحِبْ
ويبقي اللبيبُ لهُ عدةً
لوقتِ الرضا في أوانِ الغضبْ
قصيدة: أما يردع الموت أهل النهى
أَما يَردَعُ المَوتُ أَهلَ النُهى
وَيَمنَعُ عَن غِيِّهِ مَن غَوى
أَما عالِمٌ عارِفٌ بِالزَمانِ
يَروحُ وَيَغدو قَصيرَ الخُطا
فَيا لاهِياً آمِناً وَالحِمامُ
إِلَيهِ سَريعٌ قَريبُ المَدى
يُسَرُّ بِشَيءٍ كَأَن قَد مَضى
وَيَأمَنُ شَيئاً كَأَن قَد أَتى
إِذا ما مَرَرتَ بِأَهلِ القُبورِ
تَيَقَّنتَ أَنَّكَ مِنهُم غَدا
وَأَنَّ العَزيزَ بَها وَالذَليلَ
سَواءٌ إِذا أُسلِما لِلبِلى
غَريبَينِ مالَهُما مُؤنِسٌ
وَحيدَينِ تَحتَ طِباقِ الثَرى
فَلا أَمَلٌ غَيرَ عَفوِ الإِلَهِ
وَلا عَمَلٌ غَيرُ ما قَد مَضى
فَإِن كانَ خَيراً فَخَيراً تَنالُ
وَإِن كانَ شَرّاً فَشَرّاً تَرى
قصيدة: أقناعة من بعد طول جفاء
أَقَناعَةً مِن بَعدِ طولِ جَفاءِ
بِدُنُوِّ طَيفٍ مِن حَبيبٍ ناءِ
بِأَبي وَأُمّي شادِنٌ قُلنا لَهُ
نَفديكَ بِالأَمّاتِ وَالآباءِ
رَشَأٌ إِذا لَحَظَ العَفيفَ بِنَظرَةٍ
كانَت لَهُ سَبَباً إِلى الفَحشاءِ
وَجَناتُهُ تَجني عَلى عُشّاقِهِ
بِبَديعِ ما فيها مِنَ اللَألاءِ
بيضٌ عَلَتها حُمرَةٌ فَتَوَرَّدَت
مِثلَ المُدامِ خَلَطتَها بِالماءِ
فَكَأَنَّها بَرَزَت لَنا بِغَلالَةٍ
بَيضاءَ تَحتَ غِلالَةٍ حَمراءِ
كَيفَ اِتِّقاءُ لِحاظِهِ وَعُيونُنا
طُرُقٌ لِأَسهُمِها إِلى الأَحشاءِ
صَبَغَ الحَيا خَدَّيهِ لَونَ مَدامِعي
فَكَأَنَّهُ يَبكي بِمِثلِ بُكائي
كَيفَ اِتِّقاءُ جَآذِرٍ يَرمينَنا
بِظُبى الصَوارِمِ مِن عُيونِ ظِباءِ
يا رَبَّ تِلكَ المُقلَةِ النَجلاءِ
حاشاكَ مِمّا ضُمِّنَت أَحشائي
جازَيتَني بُعداً بِقُربي في الهَوى
وَمَنَحتَني غَدراً بِحُسنِ وَفائي
جادَت عِراصَكِ يا شَآمُ سَحابَةٌ
عَرّاضَةٌ مِن أَصدَقِ الأَنواءِ
بَلَدُ المَجانَةِ وَالخَلاعَةِ وَالصِبا
وَمَحَلِّ كُلِّ فُتُوَّةٍ وَفَتاءِ
أَنواعُ زَهرٍ وَاِلتِفافُ حَدائِقٍ
وَصَفاءُ ماءٍ وَاِعتِدالُ هَواءِ
وَخَرائِدٌ مِثلُ الدُمى يَسقينَنا
كَأَسَينِ مِن لَحظٍ وَمِن صَهباءِ
وَإِذا أَدَرنَ عَلى النَدامى كَأسَها
غَنَّينَنا شِعرَ اِبنِ أَوسِ الطائي
فارَقتُ حينَ شَخَصتُ عَنها لِذَّتي
وَتَرَكتُ أَحوالَ السُرورِ وَرائي
وَنَزَلتُ مِن بَلَدِ الجَزيرَةِ مَنزِلاً
خِلواً مِنَ الخُلَطاءِ وَالنُدَماءِ
فَيُمِرُّ عِندي كُلُّ طَعمٍ طَيِّبٍ
مِن رِبقِها وَيَضيقُ كُلُّ فَضاءِ
الشامُ لا بَلَدُ الجَزيرَةِ لَذَّتي
وَيَزيدُ لا ماءُ الفُراتِ مُنائي
وَأَبيتُ مُرتَهَنَ الفُؤادِ بِمَنبِجَ
السَوداءِ لا بِالرَقَّةَ البَيضاءِ
مَن مُبلِغُ النَدماءَ أَنّي بَعدَهُم
أُمسي نَديمَ كَواكِبِ الجَوزاءِ
وَلَقَد رَعَيتُ فَلَيتَ شِعري مَن رَعى
مِنكُم عَلى بُعدِ الدِيارِ إِخائي
فَحمَ الغَبِيُّ وَقُلتُ غَيرَ مُلَجلِجٍ
إِنّي لَمُشتاقٌ إِلى العَلياءِ
وَصِناعَتي ضَربُ السُيوفِ وَإِنَّني
مُتَعَرِّضٌ في الشِعرِ بِالشُعَراءِ
وَاللَهُ يَجمَعُنا بِعِزٍّ دائِمٍ
وَسَلامَةٍ مَوصولَةٍ بِبَقاءِ
قصيدة: أيا أم الأسير سقاك غيث
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
بِكُرهٍ مِنكِ ما لَقِيَ الأَسيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
تَحَيَّرَ لا يُقيمُ وَلا يَسيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
إِلى مَن بِالفِدا يَأتي البَشيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ لِمَن تُرَبّى
وَقَد مُتِّ الذَوائِبَ وَالشُعورُ
إِذا اِبنُكِ سارَ في بَرٍّ وَبَحرٍ
فَمَن يَدعو لَهُ أَو يَستَجيرُ
حَرامٌ أَن يَبيتَ قَريرَ عَينٍ
وَلُؤمٌ أَن يُلِمُّ بِهِ السُرورُ
وَقَد ذُقتِ الرَزايا وَالمَنايا
وَلا وَلَدٌ لَدَيكِ وَلا عَشيرُ
وَغابَ حَبيبُ قَلبِكِ عَن مَكانٍ
مَلائِكَةُ السَماءِ بِهِ حُضورُ
لِيَبكِكِ كُلُّ يَومٍ صُمتِ فيهِ
مُصابَرَةً وَقَد حَمِيَ الهَجيرُ
لِيَبكِكِ كُلَّ لَيلٍ قُمتِ فيهِ
إِلى أَن يَبتَدي الفَجرُ المُنيرُ
لِيَبكِكِ كُلَّ مُضطَهَدٍ مَخوفٍ
أَجَرتيهِ وَقَد عَزَّ المُجيرُ
لِيَبكِكِ كُلَّ مِسكينٍ فَقيرٍ
أَغَثتيهِ وَما في العَظمِ زيرُ
أَيا أُمّاهُ كَم هَمٍّ طَويلٍ
مَضى بِكِ لَم يَكُن مِنهُ نَصيرُ
أَيا أُمّاهُ كَم سِرٍ مَصونٍ
بِقَلبِكِ ماتَ لَيسَ لَهُ ظُهورُ
أَيا أُمّاهُ كَم بُشرى بِقُربي
أَتَتكِ وَدونَها الأَجَلُ القَصيرُ
إِلى مَن أَشتَكي وَلِمَن أُناجي
إِذا ضاقَت بِما فيها الصُدورُ
بِأَيِّ دُعاءِ داعِيَةٍ أُوَقّى
بِأَيِّ ضِياءِ وَجهٍ أَستَنيرُ
بِمَن يُستَدفَعُ القَدرَ المُوَفّى
بِمَن يُستَفتَحُ الأَمرُ العَسيرُ
نُسَلّى عَنكِ أَنّا عَن قَليلٍ
إِلى ما صِرتِ في الأُخرى نَصيرِ
قصيدة: أبنيتي لا تحزني
أَبُنَيَّتي لا تَحزَني
كُلُّ الأَنامِ إِلى ذَهابِ
أَبُنَيَّتي صَبراً جَمي
لاً لِلجَليلِ مِنَ المُصابِ
نوحي عَلَيَّ بِحَسرَةٍ
مِن خَلفِ سِترِكِ وَالحِجابِ
قولي إِذا نادَيتِني
وَعَيَيتِ عَن رَدِّ الجَوابِ
زَينُ الشَبابِ أَبو فِراسٍ
لَم يُمَتَّع بِالشَبابِ
قصيدة: أتزعم أنك خدن الوفاء
أتَزْعُمُ أنّكَ خِدْنُ الوَفَاءِ
وَقد حجبَ التُّرْبُ من قد حَجَبْ
فإنْ كنتَ تصدقُ فيما تقولُ
فمتُ قبلَ موتكَ معْ منْ تحبْ
وَإلاّ فَقَدْ صَدَقَ القَائِلُونَ
ما بينَ حيٍّ وميتٍ نسبْ
عقيلتيَ استُلبتْ منْ يدي
ولمـَّا أبعها ولمَّـا أهبْ
وَكُنْتُ أقِيكِ إلى أنْ رَمَتْكِ
يَدُ الدّهرِ مِن حَيثُ لم أحتَسِبْ
فَمَا نَفَعَتْني تُقَاتي عَلَيْكِ
وَلا صرَفتْ عَنكِ صرْفَ النُّوَبْ
فلا سلمتْ مقلةٌ لمْ تسحَّ
وَلا بَقِيَتْ لِمّةٌ لَمْ تَشِبْ
يعزُّونَ عنكِ وأينَ العزاءُ
ولكنها سنةٌ تُستحبْ
وَلَوْ رُدّ بِالرّزْءِ مَا تَستَحِقّ
لَمَا كَانَ لي في حَيَاةٍ أرَبْ
قصيدة: مصابي جليل والعزاء جميل
مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ
وَظَنّي بِأَنَّ اللَهَ سَوفَ يُديلُ
جِراحٌ تَحاماها الأُساةُ مَخوفَةٌ
وَسُقمانِ بادٍ مِنهُما وَدَخيلُ
وَأَسرٌ أُقاسيهِ وَلَيلٌ نُجومُهُ
أَرى كُلَّ شَيءٍ غَيرَهُنَّ يَزولُ
تَطولُ بِيَ الساعاتُ وَهيَ قَصيرَةٌ
وَفي كُلِّ دَهرٍ لا يَسُرُّكَ طولُ
تَناسانِيَ الأَصحابُ إِلّا عُصَيبَةً
سَتَلحَقُ بِالأُخرى غَداً وَتَحولُ
وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى العَهدِ إِنَّهُم
وَإِن كَثُرَت دَعواهُمُ لَقَليلُ
أُقَلِّبُ طَرفي لا أَرى غَيرَ صاحِبٍ
يَميلُ مَعَ النَعماءِ حَيثُ تَميلُ
وَصِرنا نَرى أَنَّ المُتارِكَ مُحسِنٌ
وَأَنَّ صَديقاً لا يُضِرُّ خَليلُ
أَكُلُّ خَليلٍ هَكَذا غَيرُ مُنصِفٍ
وَكُلُّ زَمانٍ بِالكِرامِ بَخيلُ
نَعَم دَعَتِ الدُنيا إِلى الغَدرِ دَعوَةً
أَجابَ إِلَيها عالِمٌ وَجَهولُ
وَفارَقَ عَمروُ بنُ الزُبَيرِ شَقيقُهُ
وَخَلّى أَميرَ المُؤمِنينَ عَقيلُ
فَيا حَسرَتا مَن لي بِخِلٍّ مُوافِقٍ
أَقولُ بِشَجوي مَرَّةً وَيَقولُ
وَإِنَّ وَراءَ السَترِ أُمّاً بُكاؤُها
عَلَيَّ وَإِن طالَ الزَمانُ طَويلُ
فَيا أُمَّتا لا تَعدَمي الصَبرَ إِنَّهُ
إِلى الخَيرِ وَالنُجحِ القَريبِ رَسولُ
وَيا أُمَّتا لا تُخطِئي الأَجرَ إِنَّهُ
عَلى قَدَرِ الصَبرِ الجَميلِ جَزيلُ
أَما لَكِ في ذاتِ النِطاقَينِ أُسوَةٌ
بِمَكَّةَ وَالحَربُ العَوانُ تَجولُ
أَرادَ اِبنُها أَخذَ الأَمانِ فَلَم تُجِب
وَتَعلَمُ عِلماً أَنَّهُ لَقَتيلُ
تَأَسّي كَفاكِ اللَهُ ما تَحذَرينَهُ
فَقَد غالَ هَذا الناسُ قَبلَكِ غولُ
وَكوني كَما كانَت بِأُحدٍ صَفِيَّةٌ
وَلَم يُشفَ مِنها بِالبُكاءِ غَليلُ
وَلَو رَدَّ يَوماً حَمزَةَ الخَيرِ حُزنُها
إِذاً ما عَلَتها رَنَّةٌ وَعَويلُ
لَقيتُ نُجومَ الأُفقِ وَهيَ صَوارِمٌ
وَخُضتُ سَوادَ اللَيلِ وَهوَ خُيولُ
وَلَم أَرعَ لِلنَفسِ الكَريمَةِ خِلَّةً
عَشِيَّةَ لَم يَعطِف عَلَيَّ خَليلُ
وَلَكِن لَقيتُ المَوتَ حَتّى تَرَكتُها
وَفيها وَفي حَدِّ الحُسامِ فُلولُ
وَمَن لَم يُوَقِّ اللَهُ فَهوَ مُمَزَّقٌ
وَمَن لَم يُعِزِّ اللَهُ فَهوَ ذَليلُ
وَما لَم يُرِدهُ اللَهُ في الأَمرِ كُلِّهِ
فَلَيسَ لِمَخلوقٍ إِلَيهِ سَبيلُ