تفسير رؤية القرآن الكريم في الحلم – محمد ابن سيرين
يقول محمد ابن سيرين: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، أخبرنا محمد بن أيوب الرازي، قال: أنبأنا مسلم بن إبراهيم، قال حدثنا هشام عن قتادة، عن الحسن: أن رجلاً مات، فرآه أخوه في المنام، فقال: يا أخي أي الأعمال تجدون أفضل؟ قال: القرآن. قال: أي آي القرآن أفضل؟ قال: آية الكرسي، قال: يرجو الناس؟ قال: نعم، إنكم تعملون ولا تعلمون، ونحن نعلم ولا نعمل.
قال أبو سعد رضي الله عنه: والأصل في هذا النوع من الرؤيا أن يتدبر المعبر رؤيا القاص عليه في هذا الباب، فإن كانت الآية التي رأى أنه قرأها آية رحمة مبشرة؛ بشره بالرحمة، والنعمة، والأمن، والغبطة، وإن كانت عقوبة؛ حذره ارتكاب معصية يستحقها بها، وأشار عليه بترك معصية هو فيها، أو هم بها قاصدًا لها. فإن رأى كأنه يقرأ القرآن ظاهرًا؛ فإنه يكون مؤديًا للأمانات، مستقيمًا على الحق، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، لقوله تعالى: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران: 113-114]. فإن رأى كأنه يقرأ في مصحف؛ نال حكمة، وعزًا، وذكرًا، وحسن دين.
والمصحف حكمة في التأويل، فإن رأى أنه اشترى مصحفًا؛ انتشر علمه في الدين والناس، وأفاد خيرًا. ومن رأى في المنام أنه باع مصحفًا؛ فإنه يحتقب الفواحش. ومن رأى في المنام أنه سرق مصحفًا؛ نسي الصلاة.
- ومن رأى في المنام أنه أحرق مصحفًا؛ أفسد دينه. ومن رأى في المنام أنه يقبل المصحف؛ فإنه لا يقصر في أداء الواجبات.
- ومن رأى في المنام كأن في يده كتابًا أو مصحفًا، فلما فتحه لم يكن فيه كتابة؛ دل على أن ظاهره بخلاف باطنه. ومن رأى في المنام كأنه يقرأ القرآن وهو متجرد؛ فإنه صاحب أهواء.
- ومن رأى في المنام أنه يأكل أوراق المصحف؛ فإنه يكتب المصاحف بأجرة، ويطلب رزقه من غير وجهه.
- ومن رأى في المنام أنه يكتب القرآن في خزف، أو صدف؛ فإنه يقول في القرآن برأيه. فإن رأى أنه يكتبه على الأرض؛ لهو ملحد. وقد حُكي: أن الحسن البصري رحمه الله، رأى كأنه يكتب القرآن في كساء، فقص رؤياه على ابن سيرين، فقال: اتق الله، ولا تفسر القرآن برأيك، فإن رؤياك تدل على ذلك.
- ومن رأى في المنام كأنه يأكل القرآن؛ فإنه يأكل به. ومن رأى في المنام أن المصحف أخذ منه؛ فإنه ينتزع منه علمه، وينقطع عمله في الدنيا.
- ومن رأى في المنام كأنه متوسد مصحفًا؛ فإنه رجل لا يقوم بما معه من القرآن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا توسدوا بالقرآن). ومن رأى في المنام كأنه يسمع القرآن؛ قوي سلطانه، وحسنت خاتمته. ومن رأى في المنام أنه حفظ القرآن ولم يكن يحفظه؛ نال ملكاً لقوله تعالى: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف: 55].
- ومن رأى في المنام أنه يُتلى عليه القرآن، وهو لا يفهمه؛ أصابه مكروه، إما من الله، أو من السلطان، لقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10].
- ومن رأى في المنام أنه يقرأ آية رحمة، فإذا وصل إلى آية عذاب عسرت عليه قراءتها؛ أصاب فرجًا، ومن رأى أنه يقرأ آية عذاب، فإذا وصل إلى آية رحمة لم يتهيأ له قراءتها؛ بقي في الشدة.
- ومن رأى في المنام أنه يختم القرآن؛ ظفر بمراده، وكثر خيره.
وحُكي: أن رجلاً من القراء رأى في منامه كأنه يقطع ورقة ورقة من المصحف، فيضعها على النار، فيسكن لهبها، فرفعها إلى بعض المفسرين، فقال: ستكون فتنة من جهة السلطان، وتسكن بقراءتك القرآن، فكان كذلك.
وحُكي: أن امرأة رأت كأن في حجرها مصحفًا، وهي تقرأ منه، فجاءت فروجتان تلتقطان كل كتابة فيه، حتى استوفتا جميع كتابته أكلاً، فقصت رؤياها على ابن سيرين، فقال: ستلدين ابنين تحفظان القرآن، فكان كذلك.
ومن سمع في المنام قراءة القرآن؛ قوي سلطانه، وحمدت عاقبته، وأعيذ من كيد الكائدين، لقوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً}[الإسراء: 45].
اقرأ أيضًا: تفسير رؤية قراءة سور القرآن في الحلم.
تفسير رؤية القرآن الكريم في الحلم – عبد الغني النابلسي
يقول عبد الغني النابلسي: قراءة القرآن في المنام من المصحف؛ يدل على أمر ونهي، وشرف، وسرور، ونصر، وقيل: من رأى في منامه أنه يقرأ القرآن ظاهرًا من غير مصحف؛ فإنه رجل يخاصم في حق ودعواه حق، ويؤدي ما في يده من الأمانة، ويكون مؤمنًا خاشعًا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ومن رأى في منامه أنه أعطي شيئًا من القرآن أو كان في يده فليحفظ في نفسه تلك الآية أو الحروف من القرآن، فإن كان تنزيله في رحمة أو بشارة فتأويل رؤياه؛ رحمة أو بشارة يصيبها، وإن كان تنزيله في وصية فهو وصية ينفعه الله تعالى بها إن هو عمل بها، وإن كان تنزيله في وعيد أو عذاب؛ فإن ذلك إنذار بنقمة في معصية ارتكبها، وإن كان في حديث أو مثال ممن خلا من الأمم؛ فإنه موعظة له.
وتلاوة القرآن في المنام تدل على كثرة الأعمال الصالحة، وعلى علو الدرجة.
- ومن رأى في منامه أنه يأكل القرآن؛ فإنه يأكل به، وإن رأى أنه يختم القرآن؛ فإن له عند الله ثوابًا كثيرًا، وينال ما يتمنى.
- ومن رأى في منامه أنه يتلو القرآن وهو يدري ما فيه؛ فإنه عاقل وقد أعطاه الله تعالى عقلاً.
- وإن رأى أمي في منامه أنه يقرأ القرآن؛ فإنه يموت، وإن قرأ القرآن وهو متجرد؛ فإنه صاحب أهواء.
- ومن رأى في منامه أنه يُتلى عليه القرآن أو يلقن الخير والحكمة وهو لا يقبلها؛ فإنه أذى من سلطان أو عقوبة من الله تعالى.
- وإن رأى يهودي في منامه أنه يقرأ القرآن؛ فإن القرآن عظة له في دنياه، وآية عذابه عذاب دنياه، وآية النعمة نعمة دنياه، وضرب أمثاله أمثال دنياه، وتلاوته لا تكون إيماناً للكافر ولكن يؤول ما فيه من آية غضب أو رحمة ونحو ذلك بمعاملة رئيسه له بمثل ذلك.
- ومن رأى في منامه أنه يكتب القرآن في كساء؛ فإنه يفسر القرآن برأيه.
- ومن رأى في منامه أنه يكتب القرآن في خزف أو صدف؛ فإنه يفسره برأي نفسه، وإن رأى أنه يكتبه على الأرض؛ فإنه زنديق، وقيل: قراءة القرآن في المنام؛ قضاء الحاجات، وصفاء الحال.
- ومن رأى في المنام أنه يسمع القرآن؛ قوي سلطانه، وحسنت خاتمته، وأعيذ من كيد الكائدين.
- ومن رأى في منامه قومًا متجردين يقرءون القرآن؛ فان هؤلاء قوم لهم أهواء قد تجردوا لها.
- ومن رأى في منامه أنه حفظ القرآن ولم يكن يحفظه؛ نال ملكاً.
- ومن رأى في منامه أنه يقرأ شيئًا من القرآن لا يعرف مكانه أو يعرفه؛ فإن كان مريضًا شفاه الله تعالى، لقوله تعالى: {وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ}[يونس: 57].
- ومن رأى في منامه أنه يلعق القرآن بلسانه؛ فقد ارتكب ذنبًا عظيمًا.
ومن قرأ القرآن أو شيئًا منه في منامه؛ نال رفعة وعزًا، وإن كان عاصيًا أقاله الله تعالى وتاب عليه، وإن كان فقيرًا استغنى، وإن كان مديونًا قضي دينه، وإن كان من ذوي الشهادات شهد بالحق أو أدى أمانة عنده، وإن قرأ القرآن بصوت حسن؛ نال عزًا ورفعة وشهرة حسنة، وإن قرأ القرآن وحرفه؛ زاغ عن الحق وخان عهده، وإن لم يدر ما قرأ؛ ربما شهد بالزور، أو خاض فيما لا يعلم، وإن استمع الناس لقراءته؛ تولى أمرًا يقبل فيه نهيه وأمره على قدره.
وقراءة السور التي تقرأ على الأموات غالبًا قراءتها في المنام دالة على موت المريض، وقراء القرآن قوم رؤساء، فمن رآهم في مكان؛ اجتمع فيه قوم من أشراف الناس.