- العلم
- قصيدة: حياكم الله أحيوا العلم والأدبا
- قصيدة: قم للمعلم وفه التبجيلا
- قصيدة: بقوة العلم تقوى شوكة الأمم
- قصيدة: من وحي العلم
- قصيدة: العلم زين وتشريف لصاحبه
- قصيدة: العلم تشريف وشان
- قصيدة عن العلم
- قصيدة: حسود مريض القلب يخفي أنينه
- قصيدة: لا يبلغ المرء منتهى أربه
- قصيدة: من قاس بالعلم الثراء
- قصيدة: يا ناشر العلم بهذي البلاد
العلم
يُعدّ العلم من أسمى الأمور التي سعى الإنسان وراءها منذ القدم، فهو سلاحه في مواجهة الجهل، ونبراسه الذي ينير له طريق التقدم والرقي، وسلاح فعّال لمحاربة الجهل والتخلف. ولذلك، لم يكن غريبًا أن يُخلّد الشعراء هذا الكنز الثمين في قصائدهم، مُعبّرين عن فضله وأهميته في حياة الفرد والمجتمع.
في هذه المقالة، سنغوص في رحلة عبر إبداعات الشعراء، ونستكشف روائعهم الشعرية التي تغنّت بالعلم وفضائله.
قصيدة: حياكم الله أحيوا العلم والأدبا
يقول حافظ إبراهيم:
حَيّاكُمُ اللَهُ أَحيوا العِلمَ وَالأَدَبا
إِن تَنشُروا العِلمَ يَنشُر فيكُمُ العَرَبا
وَلا حَياةَ لَكُم إِلّا بِجامِعَةٍ
تَكونُ أُمّاً لِطُلّابِ العُلا وَأَبا
تَبني الرِجالَ وَتَبني كُلَّ شاهِقَةٍ
مِنَ المَعالي وَتَبني العِزَّ وَالغَلَبا
ضَعوا القُلوبَ أَساساً لا أَقولُ لَكُم
ضَعوا النُضارَ فَإِنّي أُصغِرُ الذَهَبا
وَاِبنوا بِأَكبادِكُم سوراً لَها وَدَعوا
قيلَ العَدُوِّ فَإِنّي أَعرِفُ السَبَبا
لا تَقنَطوا إِن قَرَأتُم ما يُزَوِّقُهُ
ذاكَ العَميدُ وَيَرميكُم بِهِ غَضَبا
وَراقِبوا يَومَ لا تُغني حَصائِدُهُ
فَكُلُّ حَيٍّ سَيُجزى بِالَّذي اِكتَسَبا
بَنى عَلى الإِفكِ أَبراجاً مُشَيَّدَةً
فَاِبنوا عَلى الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُهُبا
وَجاوِبوهُ بِفِعلٍ لا يُقَوِّضُهُ
قَولُ المُفَنِّدِ أَنّى قالَ أَو خَطَبا
لا تَهجَعوا إِنَّهُم لَن يَهجَعوا أَبَداً
وَطالِبوهُم وَلَكِن أَجمِلوا الطَلَبا
هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا
وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا
عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت
فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا
وَالحَربُ في لَهَبٍ وَالقَومُ في حَرَبٍ
قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا
وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ
لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا
هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذي بَخِلَت
بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذي وَجَبا
جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً
وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا
رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت
وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذي ذَهَبا
وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ
تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا
وَبَرثَرانِ الَّذي حاكَ الإِباءُ لَهُ
ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا
أَقامَ في الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ
أَلَم يَئِن أَن تُفَدّي المَجدَ وَالحَسَبا
قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم
إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا
خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً
يَخورُ خازِنُكُم في عَدِّها تَعَبا
قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ
حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا
فَقالَ وَاللَهِ ما في الحَيِّ غازِلَةٌ
مِنَ الحِسانِ تَرى في فِديَتي نَصَبا
لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها
لَآثَرَتني وَصَحَّت قوتَها رَغَبا
هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقي فَلا تَقِفوا
عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا
وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ
فيكُم وَفي مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ
كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ
نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا
فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ
يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ سَغَبا
يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ
لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ
يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ
مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً
هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى
أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت
بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا
أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ مُنتَحِبا
هَذي دُموعي عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ
حُزناً وَهَذا فُؤادي يَرتَعي لَهَبا
أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا
كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا
أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى
مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفي لَكُم دَأَبا
إِن تُقرِضوا اللَهَ في أَوطانِكُم فَلَكُم
أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذي اِكتَتَبا
قصيدة: قم للمعلم وفه التبجيلا
يقول أحمد شوقي:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً
وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا
وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً
فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا
عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا
عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا
وَاليَومَ أَصبَحَتا بِحالِ طُفولَةٍ
في العِلمِ تَلتَمِسانِهِ تَطفيلا
مِن مَشرِقِ الأَرضِ الشَموسُ تَظاهَرَت
ما بالُ مَغرِبِها عَلَيهِ أُديلا
يا أَرضُ مُذ فَقَدَ المُعَلِّمُ نَفسَهُ
بَينَ الشُموسِ وَبَينَ شَرقِكِ حيلا
ذَهَبَ الَّذينَ حَمَوا حَقيقَةَ عِلمِهِم
وَاِستَعذَبوا فيها العَذابَ وَبيلا
في عالَمٍ صَحِبَ الحَياةَ مُقَيَّداً
بِالفَردِ مَخزوماً بِهِ مَغلولا
صَرَعَتهُ دُنيا المُستَبِدِّ كَما هَوَت
مِن ضَربَةِ الشَمسِ الرُؤوسُ ذُهولا
سُقراطُ أَعطى الكَأسَ وَهيَ مَنِيَّةٌ
شَفَتَي مُحِبٍّ يَشتَهي التَقبيلا
عَرَضوا الحَياةَ عَلَيهِ وَهيَ غَباوَةٌ
فَأَبى وَآثَرَ أَن يَموتَ نَبيلا
إِنَّ الشَجاعَةَ في القُلوبِ كَثيرَةٌ
وَوَجَدتُ شُجعانَ العُقولِ قَليلا
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَقيقَةَ عَلقَماً
لَم يُخلِ مِن أَهلِ الحَقيقَةِ جيلا
وَلَرُبَّما قَتَلَ الغَرامُ رِجالَها
قُتِلَ الغَرامُ كَمِ اِستَباحَ قَتيلا
أَوَكُلُّ مَن حامى عَنِ الحَقِّ اِقتَنى
عِندَ السَوادِ ضَغائِناً وَذُحولا
لَو كُنتُ أَعتَقِدُ الصَليبَ وَخَطبُهُ
لَأَقَمتُ مِن صَلبِ المَسيحِ دَليلا
أَمُعَلِّمي الوادي وَساسَةَ نَشئِهِ
وَالطابِعينَ شَبابَهُ المَأمولا
وَالحامِلينَ إِذا دُعوا لِيُعَلِّموا
عِبءَ الأَمانَةِ فادِحاً مَسؤولا
كانَت لَنا قَدَمٌ إِلَيهِ خَفيفَةٌ
وَرِمَت بِدَنلوبٍ فَكانَ الفيلا
حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً
في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا
تِلكَ الكُفورُ وَحَشوُها أُمِّيَّةٌ
مِن عَهدِ خوفو لا تَرَ القِنديلا
تَجِدُ الَّذينَ بَنى المِسَلَّةَ جَدُّهُم
لا يُحسِنونَ لِإِبرَةٍ تَشكيلا
وَيُدَلَّلونَ إِذا أُريدَ قِيادُهُم
كَالبُهمِ تَأنَسُ إِذ تَرى التَدليلا
يَتلو الرِجالُ عَلَيهُمُ شَهَواتِهِم
فَالناجِحونَ أَلَدُّهُم تَرتيلا
الجَهلُ لا تَحيا عَلَيهِ جَماعَةٌ
كَيفَ الحَياةُ عَلى يَدَي عِزريلا
وَاللَهِ لَولا أَلسُنٌ وَقَرائِحٌ
دارَت عَلى فِطَنِ الشَبابِ شَمولا
وَتَعَهَّدَت مِن أَربَعينَ نُفوسَهُم
تَغزو القُنوطَ وَتَغرِسُ التَأميلا
عَرَفَت مَواضِعَ جَدبِهِم فَتَتابَعَت
كَالعَينِ فَيضاً وَالغَمامِ مَسيلا
تُسدي الجَميلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي
مِن أَن تُكافَأَ بِالثَناءِ جَميلا
ما كانَ دَنلوبٌ وَلا تَعليمُهُ
عِندَ الشَدائِدِ يُغنِيانِ فَتيلا
رَبّوا عَلى الإِنصافِ فِتيانَ الحِمى
تَجِدوهُمُ كَهفَ الحُقوقِ كُهولا
فَهوَ الَّذي يَبني الطِباعَ قَويمَةً
وَهوَ الَّذي يَبني النُفوسَ عُدولا
وَيُقيمُ مَنطِقَ كُلِّ أَعوَجِ مَنطِقٍ
وَيُريهِ رَأياً في الأُمورِ أَصيلا
وَإِذا المُعَلِّمُ لَم يَكُن عَدلاً مَشى
روحُ العَدالَةِ في الشَبابِ ضَئيلا
وَإِذا المُعَلِّمُ ساءَ لَحظَ بَصيرَةٍ
جاءَت عَلى يَدِهِ البَصائِرُ حولا
وَإِذا أَتى الإِرشادُ مِن سَبَبِ الهَوى
وَمِنَ الغُرورِ فَسَمِّهِ التَضليلا
وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم
فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا
إِنّي لَأَعذُرُكُم وَأَحسَبُ عِبئَكُم
مِن بَينِ أَعباءِ الرِجالِ ثَقيلا
وَجَدَ المُساعِدَ غَيرُكُم وَحُرِمتُمُ
في مِصرَ عَونَ الأُمَّهاتِ جَليلا
وَإِذا النِساءُ نَشَأنَ في أُمِّيَّةً
رَضَعَ الرِجالُ جَهالَةً وَخُمولا
لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن
هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا
فَأَصابَ بِالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما
وَبِحُسنِ تَربِيَةِ الزَمانِ بَديلا
إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ
أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا
مِصرٌ إِذا ما راجَعَت أَيّامَها
لَم تَلقَ لِلسَبتِ العَظيمِ مَثيلا
البَرلَمانُ غَداً يُمَدُّ رُواقُهُ
ظِلّاً عَلى الوادي السَعيدِ ظَليلا
نَرجو إِذا التَعليمُ حَرَّكَ شَجوَهُ
أَلّا يَكونَ عَلى البِلادِ بَخيلا
قُل لِلشَبابِ اليَومَ بورِكَ غَرسُكُم
دَنَتِ القُطوفُ وَذُلِّلَت تَذليلا
حَيّوا مِنَ الشُهَداءِ كُلَّ مُغَيَّبٍ
وَضَعوا عَلى أَحجارِهِ إِكليلا
لِيَكونَ حَظُّ الحَيِّ مِن شُكرانِكُم
جَمّاً وَحَظُّ المَيتِ مِنهُ جَزيلا
لا يَلمَسُ الدُستورُ فيكُم روحَهُ
حَتّى يَرى جُندِيَّهُ المَجهولا
ناشَدتُكُم تِلكَ الدِماءَ زَكِيَّةً
لا تَبعَثوا لِلبَرلَمانِ جَهولا
فَليَسأَلَنَّ عَنِ الأَرائِكِ سائِلٌ
أَحَمَلنَ فَضلاً أَم حَمَلنَ فُضولا
إِن أَنتَ أَطلَعتَ المُمَثِّلَ ناقِصاً
لَم تَلقَ عِندَ كَمالِهِ التَمثيلا
فَاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا
لِأولى البَصائِرِ مِنهُمُ التَفضيلا
إِنَّ المُقَصِّرَ قَد يَحولُ وَلَن تَرى
لِجَهالَةِ الطَبعِ الغَبِيِّ مُحيلا
فَلَرُبَّ قَولٍ في الرِجالِ سَمِعتُمُ
ثُمَّ اِنقَضى فَكَأَنَّهُ ما قيلا
وَلَكَم نَصَرتُم بِالكَرامَةِ وَالهَوى
مَن كانَ عِندَكُمُ هُوَ المَخذولا
كَرَمٌ وَصَفحٌ في الشَبابِ وَطالَما
كَرُمَ الشَبابُ شَمائِلاً وَمُيولا
قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا
صَوتَ الشَبابِ مُحَبَّباً مَقبولا
ما أَبعَدَ الغاياتِ إِلّا أَنَّني
أَجِدُ الثَباتَ لَكُم بِهِنَّ كَفيلا
فَكِلوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا
فَاللَهُ خَيرٌ كافِلاً وَوَكيلا
قصيدة: بقوة العلم تقوى شوكة الأمم
يقول محمود سامي البارودي:
بقوةِ العلمِ تقوى شوكةُ الأممِ
فَالْحُكْمُ في الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ
كمْ بينَ ما تلفظُ الأسيافُ منْ علقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ
لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ
بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لاَ بِسَفْكِ دَمِ
فاعكفْ علىَ العلمِ تبلغْ شأوَ منزلةٍ
في الفضلِ محفوفةٍ بالعزَّ وَالكرمِ
فليسَ يجنى ثمارَ الفوزِ يانعةً
منْ جنةِ العلمِ إلاَّ صادقُ الهممِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
سَبْقُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ في الْقِيَمِ
وَلِلْفَتَى مُهْلَةٌ فِي الدَّهْرِ إِنْ ذَهَبَتْ
أَوْقَاتُهَا عَبَثاً لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ
لَوْلاَ مُدَاوَلَةُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ
خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ
كمْ أمةٍ درستْ أشباحها وَسرتْ
أرواحها بيننا في عالمِ الكلمِ
فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ
غَرَائِباً لاَ تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ
صرحانِ ما دارتِ الأفلاكُ منذُ جرتْ
على نظيرهما في الشكلِ والعظمِ
تَضَمَّنَا حِكَماً بَادَتْ مَصَادِرُهَا
لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشاً عَلَى رَضَمِ
قومٌ طوتهمْ يدُ الأيامِ فاتقرضوا
وَذكرهمُ لمْ يزلْ حياً على القدمِ
فكمْ بها صور كادتْ تخاطبنا
جهراً بغيرِ لسانٍ ناطقٍ وَفمِ
تَتْلُو لِـ هِرْمِسَ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى
فَضْلٍ عَمِيمٍ وَمَجْدٍ بَاذِخِ الْقَدَمِ
آياتُ فخرٍ تجلى نورها فغدتْ
مَذْكُورَةً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
وَلاحَ بينهما بلهيبُ متجهاً
للشرقِ يلحظ مجرى النيلِ من أممِ
كَأَنَّهُ رَابِضٌ لِلْوَثْبِ مُنْتَظِرٌ
فريسةً فهوَ يرعاها وَلمْ ينمِ
رمزٌ يدلُّ على أنَّ العلومَ إذا
عَمَّتْ بِمِصْرَ نَزَتْ مِنْ وَهْدَةِ الْعَدَمِ
فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وانْتَصِبُوا
للعلمِ فهوَ مدارُ العدلِ في الأممِ
وَلاَ تَظُنُّوا نَمَاءَ الْمَالِ وَانْتَسِبُوا
فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَا يَحْوِيهِ ذُو نَسَمِ
فَرُبَّ ذِي ثَرْوَةٍ بِالْجَهْلِ مُحْتَقَرٍ
وَربَّ ذي خلةٍ بالعلمِ محترمِ
شيدوا المدارسَ فهي الغرسُ إنْ بسقتْ
أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ النِّعَمِ
مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً
عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ في الْحَرَمِ
مِنْ كُلِّ كَهْلِ الْحِجَا في سِنِّ عَاشِرَةٍ
يَكَادُ مَنْطِقُهُ يَنْهَلُّ بِالْحِكَمِ
كأنها فلكٌ لاحتْ بهِ شهبٌ
تُغْنِي بِرَوْنَقِهَا عَنْ أَنَجُمِ الظُّلَمِ
يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ
بنفحةٍ تبعثُ الأرواحَ في الرممِ
فَكَمْ تَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ شَاعِرٍ لَسِنٍ
أَوْ كَاتِبٍ فَطِنٍ أَوْ حَاسِبٍ فَهِمِ
وَنابغٍ نالَ منْ علمِ الحقوقِ بها
مَزِيَّةً أَلْبَسَتْهُ خِلْعَةَ الْحَكَمِ
وَلُجِّ هَنْدَسَةٍ تَجْرِي بِحِكْمَتِهِ
جَدَاوِلُ الْمَاءِ في هَالٍ مِنَ الأَكُمِ
بَلْ كَمْ خَطِيبٍ شَفَى نَفْساً بِمَوْعِظَةٍ
وَكمْ طبيبٍ شفى جسماً منَ السقمِ
مُؤَدَّبُونَ بآدَابِ الْمُلُوكِ فَلاَ
تَلْقَى بِهِمْ غَيْرَ عَالِي الْقَدْرِ مُحْتَشِمِ
قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ
وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ
وَكيفَ يثبتُ ركنُ العدلِ في بلدٍ
لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ؟
ما صورَ اللهُ للأبدانِ أفئدةً
إِلاَّ لِيَرْفَعَ أَهْلَ الْجِدِّ وَالْفَهَمِ
وَأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ أَفْضَى إِلَى أَمَدٍ
في الفضلِ وَامتازَ بالعالي منَ الشيمِ
لَوْلاَ الْفَضِيلَةُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ
ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ
فلينظرِ المرءُ فيما قدمتْ يده
قَبْلَ الْمَعَادِ فَإِنَّ الْعُمْرَ لَمْ يَدُمِ
قصيدة: من وحي العلم
يقول حمد بن خليفة أبو شهاب:
نسيم الجحا أوحى إلى مسمع النهى
بدائع لم تلهج بأمثالها اللها
تنازع معناها الجميل ولفظه
قلائد در ما تحلت بها المها
شدوت ولي من مبلغ العلم ومضة
سواي يراها غاية ما أجلها
وما أنا ممن همه من حياته
رضا باطل مهما عتا وتألها
طبيعة نفس يا رعى الله طبعه
يراها محب الصدق للصدق منتهى
لها في جبين الدهر أنصع غرة
يحف بها نور تألق وازدهى
شواردها مفتونة بأليفه
وما ألفت إلا الأديب المفوها
بها يرتوي غصن القريض نضارة
ويرقى بها قلب هوى فتدلها
سلام على قلب الخليل ونسمة
تعطر من أنفاسه ما تأوها
وإن مسها من كاشح ما يضيره
سما لفظها عن ثلبه وتنزها
سمت في رحاب النيرين وكونت
لها من شعاع العلم ما حير النهى
فلله در العلم كيف ارتقت به
عقول أناس كن بالأمس بلّها
غذاها نمير العلم من فيض نوره
جلت عن محياها المتوج بالبها
تخيرت من ليلاي أسمى عقوده
فرائد در ما تشظى ولا وهي
هدية قلب للذي طالما شد
وغنى بشعري حادياً ومنوها
قصيدة: العلم زين وتشريف لصاحبه
يقول أبو الأسود الدؤلي:
العَيشُ لا عَيشَ إِلّا ما اِقتَصَدتَ فَإِن
تُسرِف وتبذر لَقيتَ الضُرَّ وَالعَطبا
العِلمُ زَينٌ وَتَشريفٌ لِصاحِبِهِ
فاِطلُب هُديتَ فنونَ العِلمِ وَالأَدَبا
لا خَيرَ فيمَن لَهُ أَصلٌ بِلا أَدَبٍ
حَتّى يَكونَ عَلى ما زانَهُ حَدِبا
كَم مِن حَسيبٍ أَخي عَيٍّ وَطَمطَمَةٍ
فَدمٍ لَدى القَومِ مَعروقٍ إِذا اِنتَسَبا
في بَيتِ مَكرُمَةٍ آباؤهُ نُجُبٌ
كانوا رؤوساً فَأَمسى بَعدهُم ذَنَبا
وَخامِلٍ مُقرِفِ الآباءِ ذي أَدَبٍ
نالَ المَعاليَ بِالآدابِ وَالرُتَبا
أَضحى عَزيزاً عَظيمَ الشأَنِ مُشتَهِراً
في خَدِّهِ صَعَرٌ قَد ظَلَّ مُحتَجِبا
العِلمُ كَنزٌ وَذُخرٌ لا نَفادَ لَهُ
نِعمَ القَرينُ إِذا ما صاحَبَ صُحبا
قَد يَجمَعُ المَرءُ مالاً ثُمَّ يُسلَبُهُ
عَمّا قَليلٍ فَيَلقى الذُلَّ وَالحَرَبا
وَجامِعُ العِلمِ مَغبوطٌ بِهِ أَبَداً
وَلا يُحاذِر مِنهُ الفَوتَ وَالسَلبا
يا جامِعَ العِلمِ نِعمَ الذخرُ تَجمَعُهُ
لا تَعدِلَنَّ بِهِ دُرّاً وَلا ذَهَبا
قصيدة: العلم تشريف وشان
يقول عبد الله فكري:
العلم تشريف وشان
لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان
يبقى على طول الزمن
العلم أسنى ما يىام
ويبتغي منه المرام
ويقتفي نهج الكرام
فيه على أسنى سنن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
مصر من العصر القديم
نالت به المجد العظيم
من عهد إدريس الكريم
كانت له أسمى وطن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
انظر لآثار الأول
من بعد تصريف الدول
واترك تفاصيل الجمل
فالعين تهدى من فطن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
واليوم في العصر الجديد
أضحى لنا الصيت المديد
في المجد والفخر العديد
بمالنا في كل فن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
في حسن تعليم البنات
آيات حق بينات
في صدقها كالمعجزات
بالعلم تنفي كل ظن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
كم صنعة أبرزنها
بالحسن قد عززنها
وكم لغات حزنها
قد زانها اللفظ الحسن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
والخط يزري باللآل
والرسم كالسحر الحلال
والظرف قد زان الكمال
كالالف بالالف اقترن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
فانظر إلى هذا المكان
كم فيه خيرات حسان
يبقين في جيد الزمان
أطواق جود ومنن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
مبارك بناؤه
قد زانه انشاؤه
علا به علاؤه
عن وصف كل ذي لسن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
لجشم آفت أجره
وللخديوي فخره
لازال يسمو ذكره
ما صاح طير في فنن
العلم تشريف وشان لاهله في كل آن
والفخر يوم الامتحان يبقى على طول الزمن
أدامه رب الجلال
لعز أنجال وآل
توفيقهم بدر الكمال
وكل كامل حسن
العلم تشريف وشان لأهله في كل آن
والفخر يوم الإمتحان يبقى على طول الزَّمن
قصيدة عن العلم
يقول أحمد شوقي:
العلم والبر هذا مهرجانهما
في ظل دار تناغى النجم أركانا
فقم إلى منبر التاريخ محتفلا
فقد تضوّع كالعودين ريحانا
واجز الجزيل من المجهود تكرمة
واجز الجزيل من الموهوب شكرانا
في محفل نظمت دار الجلال به
نظم الفرائد أفرادا وأعيانا
لما تألف عقدا قال قائله
يصوغ للمحسنين الحمد تيجانا
أثاره الحق حتى قام ممتدحا
كما أثار رسول الله حسانا
عز الشعوب بعلم تستقل به
يا ذل شعب عليه العلم قد هانا
فعلموا الناس إن رمتم فلاحهم
إن الفلاح قرين العلم مذ كانا
لا تُطر حيا ولا ميتا وإن كرما
حتى ترى لهما بالخلق إحسانا
ليس الغِنى لفتى الأقوام منبهة
إذا المكارم لم ترفع له شانا
وإن أبرك مال أنت تاركه
مال تُورِّثه قوما وأوطانا
سل الأُلى ضيع الضيعات وارثهم
هل يملكون ببطن الأرض فدانا
قل للسراة المنوفيين لا برحوا
للفضل أهلا وللخيرات عنوانا
يا أفضل الناس في الإيثار سابقة
وأحسن الناس في الإحسان بنيانا
وهبتمو هِبة للعلم ما تركت
بالبائسين ولا الأيتام حرمانا
قلدتمو المعهد المشكور عارفة
لم يألها لكم التعليم عرفانا
يد على العلم يمضى في إذاعتها
حتى تسير بها الأجيال ركبانا
بيضاء في يومه خضراء في غده
إذا هي انبسطت في الأرض أفنانا
قصيدة: حسود مريض القلب يخفي أنينه
يقول ابن طباطبا العلوي:
حَسود مَريض القَلب يَخفي أَنينه
وَيُضحى كَئيب البال عِندي حَزينه
يَلوم عَلي إِن رُحت في العلم راغِباً
أَجمِّع مِن عِند الرُواة فُنونه
وَأَملك أَبكار الكَلام وَعَونه
وَاِحفَظ مِما أَستَفيد عُيونه
وَيَزعم إِن العلم لا يَجلب الغِنى
وَيُحسن بِالجَهل الذَميم ظُنونه
فَيا لائِمي دَعني أُغالي بِقيمَتي
فَقيمة كُل الناس مِما يحسِنونه
إِذا عُدَّ الناس لَم أَكُ دونَهُ
وَكُنتُ أَرى الفَخر المُسوِّدَ دونَه
إِذا ما رَأى الراؤون نَطقي وَعيَّه
رأَوا حَرَكاتي قَد هَتَكنَ سُكونه
وَما ثُمَّ ريب في حَياتي وَمَوته
فَأَعجَب بِمَيت كَيفَ لا يَدفنونَه
أَبى اللَه لي مِن صُنعهِ أَن يَكونَني
إِذا ما ذَكرنا فَخرنا وَأَكونَه
قصيدة: لا يبلغ المرء منتهى أربه
يقول معروف الرصافي:
لا يبلُغ المرء منتهى أرَبه
إلا بعلم يَجدّ في طلبه
فَأْوِ إلى ظلّه تعش رغَداً
عيشاً أميناً من سوء مُنقلبَه
واتعب له تسترح به أبداً
فراحة المرء من جَنى تعبه
ولذّة العلم من تَذَوَّقها
أضرب عن شهده وعن ضَربه
وأن للعلم في العلا فَلَكاً
كل المعالي تدور في قُطُبه
فاسعَ إليه بعزمِ ذي جَلَد
مُصمّم الرأي غير مضطربه
وأبذُل له ما ملكت من نَشَب
فالعلم أبقى للمرء من نشبه
لا تتّكل بعده على نَسَب
فالعلم يُغني النسيب عن نسبه
وأطّرح المجد غيرَ طارفه
وأجتنب الفخر غير مكتَسَبه
ما أبعد الخيرَ عن فتىً كَسِل
يسرح في لهوه وفي لَعِبه
كم رفع العلم بيت ذي ضَعَة
فقصّر الناس عن مدى حَسَبه
حتى تمنّى أعلى الكواكب لو
يحُلّ بيتاً يكون في صَقَبه
وودّت الشمس في أشعّتها
لو كنّ يُحْسَبْن من قوى طُنُبه
وأن يَسُد جاهل فسؤدده
بعد قليل يُفضي إلى عَطَبه
يرى امرؤ مجد جاهل عجباً
لو صحّ عقلاً لكفّ عن عجبه
كم كذب الدهر في فعائله
وسؤدد الجاهلين من كَذِبه
العلم فَيْض تحيا القلوب به
فأمتّح بسَجْل الحياة من قُلُبه
كل فَخار أسبابه انقطعت
إلا فخاراً يكون من سببه
للعلم وجه بالحسن مُنتقِب
وسافرٌ منه مثل منتقبه
ما حُسن وجه الفتى بمَفخَرة
أن لم يؤيَّد بالحسن من أدبه
ما أقدر العلمَ أنّ صَيْحته
يُمْعِن منها الخميس في هربه
من تَخِذ العلمَ عُدّة لوغىُ
أغناه عن دِرعه وعن يَلَبه
فأنتدِب العلم للخطوب فما
خاب لعمِري رجاء منتدِبه
العلم كالنور بل أفضله
ما أفقرَ النورَ أن يُشبَّه به
وإنما العلم للنُهى عَصَبٌ
والحسّ في الجسم جاء من عصبه
سَقياً ورعياً لروض معهده
وطالبيه وقارئي كتبه
ما الناس إلاّ رُوّاد نُجْعته
وناشروه وكاشفو حُجُبه
ومن غدا هاديا يعلّمه
وراح يشفي الجهول من وَصبَه
ومعهد أسِّست قواعده
في بلد شَفّني هوى عربه
شيّده للعلوم مدرسة
من كان نشر العلوم من دَأَبه
قد غَرَّد المجد في جوانبه
فاهتَزّ عِطف الفَخار من طربه
وأصبح العلم فيه مُزدهِراً
بكلّ ذاكي الذكاء ملتهبه
بمثله في البلاد قاطبةً
يُشفى عَقُور الزمان من كَلَبه
أضحت فلسطين منه مُمْرِعة
مذ جادها بالغزير من سُحُبه
تاهت به ايلياء فاخرة
على دمشق الشَآم أو حلبه
شكراً لبانيه ما أقام به
شُبّانه القاطنون في قُبَبه
قصيدة: من قاس بالعلم الثراء
يقول الطغرائي:
من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ
في حُكمهِ أعمى البصيرةِ كاذبُ
العلمُ تخدمُه بنفسك دائماً
والمالُ يخدمُ عنكَ فيه نائبُ
والمالُ يُسلَبُ أو يبِيدُ لحادثٍ
والعلمُ لا يُخشَى عليه سالبُ
والعلمُ نقشٌ في فؤادِكَ راسخٌ
والمالُ ظِلٌّ عن فِنائِكَ ذاهبُ
هذا على الإنفاقِ يغزُرُ فيضُهُ
أبداً وذلك حين يُنفَقُ ناضِبُ
قصيدة: يا ناشر العلم بهذي البلاد
يقول أحمد شوقي:
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد
وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد
بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي
تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد
بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم
وَاِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد
أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا
قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد
نَقّادُ أَعمالِكَ مُغلٍ لَها
إِذا غَلا الدُرُّ غَلا الاِنتِقاد
ما أَصعَبَ الفِعلَ لِمَن رامَهُ
وَأَسهَلَ القَولَ عَلى مَن أَراد
سَمعاً لِشَكوايَ فَإِن لَم تَجِد
مِنكَ قُبولاً فَالشَكاوى تُعاد
عَدلاً عَلى ما كانَ مِن فَضلِكُم
فَالفَضلُ إِن وُزِّع بِالعَدلِ زاد
أَسمَعُ أَحياناً وَحيناً أَرى
مَدرَسَةً في كُلِّ حَيٍّ تُشاد
قَدَّمتَ قَبلي مُدُناً أَو قُرى
كُنتُ أَنا السَيفَ وَكُنَّ النِجاد
أَنا الَّتي كُنتُ سَريراً لِمَن
سادَ كَإِدوَردَ زَماناً وَشاد
قَد وَحَّدَ الخالِقَ في هَيكَلٍ
مِن قَبلِ سُقراطَ وَمِن قَبلِ عاد
وَهَذَّبَ الهِندُ دِياناتِهِم
بِكُلِّ خافٍ مِن رُموزي وَباد
وَمِن تَلاميذي موسى الَّذي
أوحِيَ مِن بَعدُ إِلَيهِ فَهاد
وَأُرضِعَ الحِكمَةَ عيسى الهُدى
أَيّامَ تُربي مَهدُهُ وَالوِساد
مَدرَسَتي كانَت حِياضَ النُهى
قَرارَةَ العِرفانِ دارَ الرَشاد
مَشايِخُ اليونانِ يَأتونَها
يُلقونَ في العِلمِ إِلَيها القِياد
كُنّا نُسَمّيهِم بِصِبيانِهِ
وَصِبيَتي بِالشَيبِ أَهلُ السَداد
ذَلِكَ أَمسي ما بِهِ ريبَةٌ
وَيَومِيَ القُبَّةُ ذاتُ العِماد
أَصبَحتُ كَالفِردَوسِ في ظِلِّها
مِن مِصرَ لِلخَنكا لِظِلّي اِمتِداد
لَولا جُلّى زَيتونِيَ النَضرِ ما
أَقسَمَ بِالزَيتونِ رَبُّ العِباد
الواحَةُ الزَهراءُ ذاتُ الغِنى
تُربي الَّتي ما مِثلِها في البِلاد
تُريكَ بِالصُبحِ وَجُنحِ الدُجى
بُدورَ حُسنٍ وَشُموسَ اِتِّقاد
بَنِيَّ يا سَعدُ كَزُغبِ القَطا
لا نَقَّصَ اللَهُ لَهُم مِن عِداد
إِن فاتَكَ النَسلُ فَأَكرِم بِهِم
وَرُبَّ نَسلٍ بِالنَدى يُستَفاد
أَخشى عَلَيهِم مِن أَذىً رائِحٍ
يَجمَعُهُم في الفَجرِ وَالعَصرِ غاد
صَفيرُهُ يَسلُبُني راحَتي
وَيَمنَعُ الجَفنَ لَذيذَ الرُقاد
يَعقوبُ مِن ذِئبٍ بَكى مُشفِقاً
فَكَيفَ أَنيابُ الحَديدِ الحِداد
فَاِنظُر رَعاكَ اللَهُ في حاجِهِم
فَنَظرَةٌ مِنكَ تُنيلُ المُراد
قَد بَسَطوا الكَفَّ عَلى أَنَّهُم
في كَرَمِ الراحِ كَصَوبِ العِهاد
إِن طُلِبَ القِسطُ فَما مِنهُمُ
إِلّا جَوادٌ عَن أَبيهِ الجَواد